مثل ما قتل في المرة الأولى فإن عاد فينتقم الله منه ولا كفارة عليه، وعلى هذا يدل معظم الاخبار المروية عن أئمة أهل البيت عليهم السلام في تفسير الآية.
ولولا هذا المعنى كان كالمتعين حمل الانتقام في قوله: " فينتقم الله منه " على ما يعم الحكم بوجوب الكفارة، وحمل العود على فعل ما يماثل ما سلف منهم من قتل الصيد أي ومن عاد إلى مثل ما كانوا عليه من قتل الصيد قبل هذا الحكم، أي ومن قتل الصيد فينتقم الله منه أي يؤاخذه بإيجاب الكفارة، وهذا - كما ترى - معنى بعيد من اللفظ.
قوله تعالى: " أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم و للسيارة " إلى آخر الآية، الآيات في مقام بيان حكم الاصطياد من بحر أو بر، وهو الشاهد على أن متعلق الحل هو الاصطياد في قوله: " أحل لكم صيد البحر " دون أكله، وبهذه القرينة يتعين قوله: " وطعامه " في أن المراد به ما يؤكل دون المعنى المصدري الذي هو الاكل والمراد بحل طعام البحر حل أكله فمحصل المراد من حل صيد البحر وطعامه جواز اصطياد حيوان البحر وحل أكل ما يؤخذ منه.
وما يؤخذ من طعام البحر وإن كان أعم مما يؤخذ منه صيدا كالعتيق من لحم الصيد أو ما قذفته البحر من ميتة حيوان ونحوه إلا أن الوارد من أخبار أئمة أهل البيت عليهم السلام تفسيره بالمملوح ونحوه من عتيق الصيد، وقوله: " متاعا لكم وللسيارة " كأنه حال من صيد البحر وطعامه، وفيه شئ من معنى الامتنان.
وحيث كان الخطاب للمؤمنين من حيث كونهم محرمين كانت المقابلة بينهم وبين السيارة في قوة قولنا: متاعا للمحرمين وغيرهم.
واعلم أن في الآيات أبحاثا فرعية كثيرة معنونة في الكتب الفقهية من أرادها فليراجعها.
قوله تعالى: " جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدى والقلائد " ظاهر تعليق الكلام بالكعبة ثم بيانه بالبيت بأنه بيت حرام، وكذا توصيف الشهر بالحرام ثم ذكر الهدى والقلائد اللذين يرتبط شأنهما بحرمة البيت، كل ذلك يدل على أن الملاك فيما يبين الله سبحانه في هذه الآية من الامر إنما هو الحرمة.