صادقا فيما توهم فأحي هذين وسلطهما علي، فإن ذلك يكون حينئذ آية معجزة، فأما ماء المطر المعتاد فلست أنت أحق بأن يكون جاء بدعائك من غيرك الذي دعا كما دعوت. وكان الحاجب أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان مستندا إليه وكانا متقابلين على المسند، فغضب علي بن موسى الرضا عليه السلام وصاح بالصورتين دونكما الفاجر، فافترساه ولا تبقيا له عينا ولا أثرا، فوثبت الصورتان وقد عادت أسدين فتناولا الحاجب ورضاه وهشماه وأكلاه ولحسا دمه والقوم ينظرون متحيرين مما يبصرون، فلما فرغا أقبلا على الرضا عليه السلام وقالا له: يا ولي الله في أرضه ماذا تأمرنا أن نفعل بهذا، نفعل به فعلنا هذا، يشيران إلى المأمون، فغشي على المأمون مما سمع منهما، فقال الرضا عليه السلام: قفا، فوقفا، ثم قال الرضا عليه السلام: صبوا عليه ماء ورد وطيبوه، ففعل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي أفنيناه؟
قال: فإن لله عز وجل فيه تدبيرا ممضيه، فقالا: ماذا تأمرنا؟ فقال: عودا إلى مقركما كما كنتما، فعادا إلى المسند وصارا صورتين كما كانتا، فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شر حميد بن مهران، يعني الرجل المفترس، ثم قال للرضا عليه السلام:
يا بن رسول الله هذا الامر لجدكم رسول الله صلى الله عليه وآله ثم لكم ولو شئت لنزلت عنه لك، فقال الرضا عليه السلام:
لو شئت لما ناظرتك ولم أسألك، فإن الله عز وجل قد أعطاني من طاعة ساير خلقه مثل ما رأيت من طاعة هاتين الصورتين، إلا جهال بني آدم، فإنهم وإن خسروا حظوظهم فلله عز وجل فيه تدبير، وقال: أمرني بترك الاعتراض عليك؟ وإظهار ما أظهر من العمل من تحت يدك كما أمر يوسف بالعمل من تحت يد فرعون، قال: فما زال المأمون ضئيلا إلى أن قضى في علي بن موسى الرضا ما قضى (1).
وفي كتاب الخصال: عن أبي عبد الله عليه السلام، في قول الله تعالى: " فخذ