تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ١ - الصفحة ٢٧٥
وما كادوا يفعلون: لتطويلهم في السؤال وكثرة مراجعاتهم.
وروي أنهم كانوا يطلبون البقرة الموصوفة أربعين سنة، أو لخوف الفضيحة في ظهور القاتل، أو لغلاء ثمنها، إذ روي أنه كان في بني إسرائيل شيخ صالح له عجلة، فأتى بها الغيضة (1) وقال: اللهم إني أستودعكها لا بني حتى يكبر، وكان برا بوالديه، فشبت وكانت من أحسن البقرة وأسمنها، ووحيدة بتلك الصفات، فساوموها اليتيم وأمه حتى اشتروها بملأ مسكها ذهبا، وكانت البقرة إذ ذاك بثلاثة دنانير (2).
وفي رواية العياشي أنه قال الرضا (عليه السلام): قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بعض أصحابه: إن هذه البقرة ما شأنها؟ فقال: إن فتى من بني إسرائيل كان بارا بأبيه، وإنه اشترى سلعة فجاء إلى أبيه فوجده نائما والاقليد تحت رأسه، فكره أن يوقظه، فترك ذلك، واستيقظ أبوه فأخبره، فقال له: أحسنت، خذ هذه البقرة فهي لك عوض ما فاتتك، قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): انظروا إلى البر ما بلغ بأهله (3).
وروي أن ذلك الشاب من بني إسرائيل قد رأى محمدا وعليا في منامه و أحبهما، وقالا له: لأنك تحبنا نجزيك ببعض جزائك في الدنيا، فإذا جاءك بنو إسرائيل يريدون شراء البقرة منك، فلا تبعها إلا برضى أمك، فلما أرادوا شراءها كلما زادوا في ثمنها لم ترض أمه حتى شرطوا على أن يملؤوا ثور بقرة عظيمة في ثمنها فرضيت (4).

(١) الغيضة الأجمة، وهي الشجر الملتف، وجمعه غياض. المصباح المنير: ص ٦٢٩.
(٢) الكشاف: ج ١، ص ١٥٢، في تفسيره لقوله تعالى: " إن الله يأمركم " الآية.
(٣) تفسير العياشي: ج ١، ص ٤٦، ح ٥٧.
(٤) البرهان: ج ١، ص 109، ح 1، نقلا بالمضمون واليك نص الحديث: " ولم يجدوها إلا عند شاب من بني إسرائيل أراه الله في منامه محمدا وعليا وطيبي ذريتهما، فقالا له: إنك كنت لنا محبا مفضلا و نحن نريد أن نسوق إليك بعض جزائك في الدنيا فإذا راموا شراء بقرتك فلا تبعها إلا بأمر أمك فإن الله عز وجل يلقنها ما يغنيك به وعقبك، ففرح الغلام فجاءه القوم يطلبون بقرة، فقالوا: بكم تبيع بقرتك؟
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست