تعللا بزيارة زائر أو حرفة شاعر، نقض لهمم الطلاب الذين يقتدون في نشاطهم بالأستاذ. وإن من تتوفر عليه التلامذة زمن أستاذ الكل في الكل الشيخ (المفيد) أعلم علماء الإمامية وأبرعهم في الفقه والكلام والجدل وأعرفهم بالاخبار والاشعار، وزمن (الشريف المرتضى) الفقيه المتكلم خليفة المفيد، لهو حقيق أن يكون موازيا وموازنا لهما في فنون العلم وسائر مميزات التفوق.
إن (دار العلم) ليست مدرسة فقط، بل ومكتبة أيضا، وهي ثالثة المكتبتين الشهيرتين ببغداد: فالمكتبة القديمة منها هي التي أسسها الرشيد وتدعى (بيت الحكمة)، والحديثة هي التي أنشأها وزير شرف الدولة البويهي أبو نصر سابو بن أزد شير سنة 381 [1]، وقد حدث عنها ياقوت وأطراها. وكان الخازن لمكتبة (دار العلم) هو أبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري صاحب الصيت الذائع في علم تقويم البلدان. وكان لعبد السلام هذا مجمع علمي خاص ببغداد وينعقد له يوم الجمعة كل أسبوع. وهناك مجامع عامة: أحدها مجمع زعيمه الشريف الرضي يحضره الأدباء على اختلافهم، وآخر لأخيه (الشريف المرتضى) وهو من المجامع الفلسفية الكلامية العامة، وثالث للوزير أبي نصر السالف ذكره، ورابع لأبي حامد الأسفرائيني من فقهاء الشافعية يحضره نحو سبعمائة متفقه، وخامس للشيخ المفيد يحضره من فقهاء الإمامية أكثر من ذلك، وكانت المحاضرات العامة تلقي على الناس في هذه المجامع من