مالك ترضى أن تكون شاعرا * بعدا لها في عدد الفضائل فهو شاعر، والشعر هو الذي طوى سمعته في العلوم الدينية بفنونها، وفي العلوم الأدبية على تشعبها، وهذا الجزء الخامس من كتابه (حقائق التأويل) أكبر آية على إتقانه للفنون العلمية الدينية ومبادئها، ووقوفه على أسرارها ودقائقها، وكفى بقول معاصريه فيه: انه (يعتذر وجود مثله).
تأثير اعماله وشعره على التأليف:
نقدر الشريف مؤلفا ومدرسا يلقي محاضراته يوميا في مدرسته (دار العلم) في السابعة عشرة من سنيه، وأن الثلاثين الباقية من عمره قد ذهب الشطر منها بولاية امارة الحج التي لا تتفق مع التأليف، وهلك الشطر الآخر بالنظر في المظالم وفي مقتضيات النقابة، ولا تنس ضياع الوقت بنظم الشعر في الأعياد والمواسم السنوية، وما يتفق في أثناء العام الواحد من مراث وتهان ومعاتبات. إذا تنتهي الثلاثون منه لما دون العشرين، وكم يحصل الكاد الكادح من العلوم في عشرين عاما إذا كان متعبا وكانت زياراته للعظماء لا تزال متبادلة وشفاعاته لذوي الحاجات متواترة. إذا فكيف تمت له تلك التآليف والتصانيف الجمة التي تقصر عنها أزمنة فراغه.
إذا عرفنا أنه ابتدأ بنظم الجيد من الشعر لعشر سنين، أو بعد أن جاوزها قليلا [1]، وانه تلقى علم النحو من ابن السيرافي لدون عشر