كل ذي سطوة ونفوذ ضده وكل مشايع لعز الدولة، الذي قتل ولده واستلم السلطان منه وفتك بكتابه ووزرائه ونصحائه وذوي رحمه، ومنهم الشريف أبو أحمد، فإنه لكثرة الوشايات عليه أو كما يقول ابن أبي الحديد (لاستعظام امره وامتلاء صدره وعينيه به حين قدم العراق)، وصادر املاكه واعتقله بفارس.
لا تسل عن هذا الشاب، وهو في شرخ الشباب متوقد الذكاء:
ماذا ثرت عليه قضية القلعة بفارس! ولأي درجة كانت تقلقه! وكيف كان يصابر تلك المحنة التي لا يستطيع أن يشكو الحزن الذي لحقه لأجلها خشية عضد الدولة!. وإذا قرأت ما نظمه في تلك الفترة تجد الروعة والرهبة، وتجد الدموع الجارية تترقرق بين كلماته، وليس فيها من أمر عضد الدولة إلا الكناية والرمز، حتى لقد كان يتقي أن يفصح بموته، ولا يعبر لأبيه إلا بمثل قوله: (إن ذا الطود بعد بعدك ساخا). ولكن اندفاعاته الحماسية الملتهبة ظهرت جلية ناصعة فيما نظمه عند الافراج عن أبيه وفي استقباله وعند عودته إلى بغداد، ولعلما كان أدنى توجع له في ذلك الشأن قوله في إحدى ما نظمه يومئذ:
لو شاب طرف شاب اسود ناظري * من طول ما أنا في الحوادث ناظر أو أن هذي الشمس تصبغ لمة * صبغت شواتي طول ما انا حاسر أو كان يأنس بالأنيس أوابد * يوما لزم لي النعام النافر قد أكدت الأرض الخصبة على الشريف، وأظلمت بعينيه الطريتين آفاقها المضيئة وضاقت الأجواء الواسعة. ولكن من ذا يمونه، وماذا