و (الانصياح) (1) عن عجائب ما فيه، فمن ذلك ما تنبه عليه خاطري منذ ليال، وقد بلغت من وظيفة التلاوة إلى السورة التي يذكر فيها الشورى، وهي (حم عسق)، وذلك قوله تعالى في آخر هذه السورة:
(لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور - 49)، فانظر إلى لطيف فرقه تعالى بين الإناث والذكور، بأن جعل الإناث نكرة والذكور معرفة، فقال:
(إناثا) ثم قال: (الذكور)!، لأنهم أعرف سمات وأعلى طبقات، وهذا من لطائف الحكمة وشرائف البلاغة. وفيه من أمثال ما ذكرناه ما لا تحصى أعداده ولا تبلغ آماده، ولعلي أن أورد في أثناء هذا الكتاب بتوفيق الله من هذا المعنى ما يكون غررا شارخة (2) ولمعا ثاقبة، منبها على غوامضه ومشيرا إلى مواضعه، مما لا أعلم سابقا سبقني إلى استنباطه، ولا راميا رمى قبلي في أغراضه، إن شاء الله تعالى. وفي ما ذكرناه من هذه المسألة كاف بعون الله وتوفيقه.