حقائق التأويل - الشريف الرضي - الصفحة ١٠١
فجعل مرة نعتا لحديث، لأنه حمل الحديث على معنى الكلمة، فأنث لهذه العلة، وهذا كقول الشاعر:
إني أتتني لسان لا أسر بها * من علو لا عجب منها ولا سخر [1] فأنث لأنه جعل اللسان ههنا بمعنى الرسالة أو القولة أو الصحيفة المتضمنة لذلك، والدليل على أن المراد باللسان ههنا ما ذكرناه قول الآخر [2]:
ندمت على لسان كان مني * وددت بأنه في جوف عكم ولو لم يرد الكلام لم يصح المعنى، لان الندم لا يكون على الأعيان والاشخاص، وإنما يكون على الأقوال والأفعال.
ومن غرائب القرآن وبدائعه وعجائبه وغوامضه، قوله سبحانه في هذه السورة: (بكلمة منه اسمه المسيح)، فذكر على المعنى الذي

(١) من قصيدة لا عشى باهلة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي لما جاءه الخبر بتقطيعه عضوا عضوا حتى قتل، صنع به ذلك قوم صلاءة بن العنبر الحارثي ثأروا بصلاءة لما أسره المنتشر وصنع به ذلك. (اللسان): قال المبرد في كامله: (يقال: هو اللسان وهي اللسان، فمن ذكر فجمعه السنة كحمار وأحمرة، ومن أنث قال: لسان والسن كذراع وأذرع، لا تبالي أمضموم الأول كان أو مفتوحا أو مكسورا إذا كان مؤنثا... قال: وأراد باللسان ههنا: الرسالة) انتهى ملخصا. غلو الشئ: أرفعه نقيض أسفله، اي: اتتني رسالة من أعلى نجد أو البلاد. وفي الصحاح (علو في البيت:
يروي بضم الواو وفتحها وكسرها) والأرجح الضم - كما أثبتناه - على أن يكون مبنيا كقبل وبعد.
(2) الحطيئة العبسي: العكم: بالكسر، العدل ما دام فيه المتاع ونمط تجعل المرأة فيه ذخيرتها، وبالفتح داخل الجنب، والظاهر هو المراد.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»
الفهرست