ذكرناه، لأنه سبحانه لو قال: اسمها المسيح، لألبس اللفظ، إذ لم يتقدم من ذكر المسيح (ع) ما يؤمن معه الالباس، فلما جاء في السورة التي يذكر فيها النساء ما أمن معه الالباس، أعطى سبحانه الكلمة حقها ووفاها قسطها، فأنث ضميرها، لان ذكر المسيح (ع) قد تقدم، فأمن اللبس وارتفع الشك قال سبحانه: (إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه...) [1] فقال: ألقاها، ولم يقل: ألقاه، لما تقدمت أسماء المسيح وتعريفاته التي تؤمن من الالباس: وهي المسيح، وعيسى بن مريم، وإذا نظرت بعين عقلك بان لك ما بين الموضعين من التمييز البين والفرق النير، وعجبت من عمائق قعر هذا الكتاب الشريف الذي لا يدرك غورها، ولا ينضب بحرها، فإنه كما وصفه سبحانه (بقوله) [2]: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه...) [3]، ومن أحسن ما قيل في تفسير ذلك (انه لا يشبه كلاما تقدمه ولا يشبهه كلام تأخر عنه، ولا يتصل بما قبله ولا يتصل به ما بعده، فهو الكلام القائم بنفسه البائن من جنسه، العالي على كل كلام قرن إليه وقيس به)، وإنه (ليرى فيه) (4) عند الانفراد بتلاوته: من غرائب الفصاحة وثواقب البلاغة ونوادر الكلم وينابيع الحكم، ما يعجز الخواطر عن الكلام عليه
(١٠٢)