فالجواب: أن في ذلك أقوالا:
١ - منها، أن الاتخاذ في الأصل هو: القصد إلى أخذ الشئ والعزم عليه والتمسك به والملازمة له، ألا ترى إلى قوله تعالى: (واتخذ الله إبراهيم خليلا) [١]!، أي: قصد إلى تمييزه بهذه الحال والاظهار لها والمداومة عليها، وإذا تأملت كل ما نطق به القرآن من ذكر الاتخاذ، وجدته يتضمن هذا المعنى: فمن ذلك قوله تعالى: ﴿قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا﴾ (2)، أي:
لنجعل هناك موضعا يدوم لبثه، وتكثر الملازمة له. ومنه قوله تعالى (واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) [3]، أي: انقطعوا إليها، وأقاموا على عبادتها، فإذا كان الامر على ما قررنا، بان أن نهي الله تعالى عن إظهار موالاة الكافرين إنما هو على هذا الوجه: من توطين النفس بالعزم على ذلك والقصد إليه والاظهار له، فكأنه تعالى قال:
لا يظهرن أحد من المؤمنين موالاة أحد من الكفار قاصدا متعمدا، وعادلا بموالاته عن المؤمنين الذين هم أحق بذلك من غيرهم!، لأن هذه الأفعال إنما تكون موالاة بالمقاصد لا بصورة الفعل، ولولا ذلك لم تحسن مع التقية أيضا، وقوله تعالى: (من دون المؤمنين) يدل على ما ذكرنا [4] وعلى هذا قول القائل: أعطيت فلانا دوني، أي: أعطيته ومنعتني، ولهذا قال سبحانه: (ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ)،