باظهار كلمة الكفر أو العرض على القتل، فلزم الحنفية، ولم يعط التقية، حتى قتل على ذلك، وكان عند المسلمين أفضل من عمار بن ياسر، حين أعطى التقية، وأظهر كلمة الكفر عند الالحاح عليه بالعذاب: من جره على الرمضاء وتحريقه بالنار، وإن كان قلبه مطمئنا بالايمان، ويستدلون بذلك على أن اعطاء التقية رخصة، وأن الأفضل ترك إظهارها، وكذلك قالوا في كل أمر كان فيه إعزاز الدين، فإقامة المرء عليه حتى يقتل أفضل من الاخذ بالرخصة في العدول عنه حتى يسلم.
وفي هذه الآية (وأخواتها) [1] دلالة على أنه لا ولاية للكافر على المسلم في شئ من الأشياء، فإنه إذا كان له ابن صغير مسلم باسلام أمه، فلا ولاية له عليه في حال من الأحوال.
وقال بعضهم: (ان قوله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) ليس بنهي، وإنما هو خبر، فكأنه تعالى قال: إن هذه صفة المؤمنين ألا يتخذوا الكافرين أولياء). وهذا خطأ من قائله، وذلك أن الامر لو كان على ما ظنه لكان يكون (لا يتخذ المؤمنون) برفع الذال، ولم يكن (يجزمها) [2]، وكسرها لالتقاء الساكنين، فكونها مكسورة يدل على أنها نهي لا خبر، على أن الامر لو كان كما قاله لكان المعنى مقاربا لمعنى النهي، لأنه لا يجوز أن تكون هذه الصفة صفة المؤمن إلا وهو مأمور بموالاة المؤمنين، منهي عن موالاة الكافرين.
فان قال قائل: ما أنكرتموه من أنه تعالى نهي عن اتخاذ الكافرين