الآية إذا أضيفت إلى الأنبياء عليهم السلام، واليه تعالى فيهم، فالأقرب أن يراد بها الحجة، وهذا يوجب ان في الذي جرى يوم بدر دلالة الرسالة، من حيث ظهور الآية المعجزة. فان قيل: فما تلك الآية؟ قيل: قد ذكر في ذلك أشياء: منها أنه تعالى قلل المشركين في أعين المسلمين، حتى ظنوا أن عددهم مثلا عددهم، وقد ضمن لهم في الجهاد أن تغلب المائة منهم المائتين من غيرهم، فكانوا على ثقة من حصول النصرة لهم، (إذ) (1) كانت الحال هذه.
فان قيل: فيكف يجوز أن يروهم مثليهم، وهم ثلاثة أمثالهم، ويؤكد تعالى ذلك برأي العين؟ أوليس هذا يوجب أن يكونوا رأوا الشئ أقل مما هو عليه، وذلك غير جائز؟!
قيل: إن العدد إذا كثر خصوصا عند القتال والمجادلة، حدث في الهواء كدر وقترة، فيجوز أن يكون ذلك حائلا دون رؤية جميعهم، وممكنا من رؤية بعضهم، مع سلامة البصر، لأجل ما ذكرناه من الموانع فيظن بهم القلة وان كانوا كثرة، ويجوز أن يكون تعالى منع من رؤية الثلث منهم منفردا بما يحدث في الهواء من الموانع، فيصح حمله في الوجه الأول على الظن، وفي الوجه الثاني على العلم.
هذا إذا حمل على أن المسلمين هم الذين رأوا المشركين مثليهم، فأما إن حمل على أن المشركين هم الذين رأوا المسلمين على تلك الصفة من كثرة العدد، فالوجه في ذلك أنه تعالى كثر المسلمين في أعينهم لايقاع الرعب في قلوبهم، لكن ذلك لا يمكن حمله على رؤية العين على الحقيقة، لان القليل