قالتا كما حكى الله (لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير) فرحمهما موسى ودنا من البئر فقال لمن على البئر استقي لي دلوا ولكم دلوا وكان الدلو يمده عشرة رجال، فاستقى وحده دلوا لمن على البئر ودلوا لبنتي شعيب وسقى أغنامهما (ثم تولى إلى الظل فقال رب اني لما أنزلت إلي من خير فقير) وكان شديد الجوع.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: إن موسى كليم الله حيث سقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب اني لما أنزلت إلي من خير فقير والله ما سأل الله إلا خبزا يأكله لأنه كان يأكل بقلة الأرض ولقد رأوا خضرة البقل في صفاق بطنه (1) من هزاله فلما رجعتا ابنتا شعيب إلى شعيب قال لهما أسرعتما الرجوع فأخبرتاه بقصة موسى عليه السلام ولم تعرفاه فقال شعيب لواحدة منهن اذهبي إليه فادعيه لنجزيه اجر ما سقى لنا فجاءت إليه كما حكى الله تعالى (تمشي على استحياء) فقالت (ان أبي يدعوك ليجزيك اجر ما سقيت لنا) فقام موسى معها ومشيت أمامه فسفقتها الرياح فبان عجزها (2) فقال لها موسى تأخري ودليني على الطريق بحصاة تلقيها أمامي أتبعها فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء فلما دخل على شعيب قص عليه قصته فقال له شعيب (لا تخف نجوت من القوم الظالمين) قالت إحدى بنات شعيب (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين) فقال لها شعيب اما قوته فقد عرفتيه انه يستقي الدلو وحده فبم عرفت أمانته؟ فقالت إنه لما قال لي تأخري عني ودليني على الطريق فأنا من قوم لا ينظرون في أدبار النساء عرفت انه ليس من القوم الذين ينظرون اعجاز النساء فهذه أمانته، فقال له شعيب (اني أريد ان أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان أتممت عشرا فمن