فاستعنت بالله سبحانه وتعالى وبدأت أولا أجمع كل ما روي في هذا الموضوع من مظانه في مصادر السنة المختلفة حسبما توفرت لدي أو تمكنت من الوصول إليها، فما كان مرتبا على الأبواب أخذت من أبوابها المختصة بهذا الموضوع، وما لم يكن مرتبا على الأبواب اضطررت إلى البحث فيه حسب الامكان فقرأت وتصفحت كتبا عديدة من أولها إلى آخرها، ومن بينها " مسند الإمام أحمد بن حنبل " و " المعجم الصغير " للطبراني و " حلية الأولياء " للحافظ أبي نعيم الأصبهاني و " أخبار أصبهان " له، و " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي وأجزاء كبيرة من مسند أبي يعلى والفردوس للديلمي وكتاب الضعفاء للعقيلي وغيرها من مخطوطاتها.
وكان كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي من أوسع المصادر في هذا الباب حسبما تبين لي من نقول العلماء والمؤلفين في هذا الموضوع فكنت أشتاق إليه أشد الاشتياق، ولكن لم أجد منه سوى نسختين مصورتين على الميكروفيلم في مكتبة جامعة الملك عبد العزيز بمكة، فنظرت في إحداهما مستعينا بالآلة المكبرة فرأيت أن ما يتعلق فيه بموضوع المهدي كثير جدا فاضطررت إلى أن أنسخ هذا الكتاب حرفا حرفا بقراءته على الآلة المكبرة، حتى انتهيت منه بعون الله تعالى، وزاد على أربعمائة صفحة بالخط الدقيق. ولا يعرف ما بذلت فيه من الجهد ولقيت فيه من العناء والتعب إلا من مر من هذا الوادي وعرف وعروة الطريق وخطورة المسلك.
ولقد جمعت فيه كل ما توصلت إليه في المراجع المعتمدة لدى أهل السنة من الأحاديث المرفوعة وآثار الصحابة والتابعين، وتركت من دونهم إلا ما ذكره السيوطي في كتابه العرف الوردي، وذلك لشهرة هذا الكتاب في أوساط الناس، فلا بد من وضع الحقائق أمام أعينهم لكي يعرفوا قيمتها ومدى الاعتماد عليها. وأما ما سواها من الحكايات والاخبار التي ليس لها زمام ولا خطام وقد دخلت في بعض الكتب مثل تذكرة القرطبي وغيرها " بورد، وروي، وسمعنا، ويقال " فلا أتعرض لها، إذ أنها لا