كما أنهم وضعوا لنا قواعد لمعرفة صحيحها من سقيمها، وهي أدق قواعد عرفتها البشرية لتحقيق الاخبار والتمييز بين الصحيح والغلط والصواب والخطأ، كما أنهم ترجموا الآلاف بل مئات الآلاف من رواة الحديث ونقلته وبينوا درجتهم من حيث العدالة والضعف. جزاهم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
وكان من بين الأحاديث التي وصلت إلينا عن طريق هؤلاء الجهابذة المؤمنين أحاديث تبشر بخلافة أمير صالح يخرج الدجال في عصره، وينزل عيسى ابن مريم عليه السلام لقتل الدجال فيصلى ورائه. وهو المعروف " بالمهدي " أو " المهدي المنتظر ".
والأحاديث والآثار الواردة في المهدي كثيرة جدا. ونظرا إلى هذه الأحاديث نشأت في المسلمين فكرة " المهدي المنتظر " وكانت هذه الفكرة لها آثار سياسية وفكرية خطيرة في التاريخ الاسلامي.
فمنذ القرن الأول إلى أيامنا هذه ظهر رجال كثيرون حاولوا استغلال هذه الفكرة وأرادوا تطبيقها على أنفسهم، أملا منهم أن ينالوا هذه المرتبة العالية والدرجة الرفيعة أو طعما في الوصول إلى السلطة والحكم بتغرير العوام السذج بهذه الفكرة، فكم من فتن قامت، وكم من دماء أريقت، وحروب استمرت زمنا طويلا.
كما تناول هذه الفكرة القصاص والمتشدقون في الكلام، فأصبحوا يحدثونها للناس بأساليب عجيبة وغريبة، والكلام الغريب محبب إلى عامة الناس تستمتع منه آذانهم وتتطلع إليه نفوسهم. ونسبت هذه الحكايات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تارة وإلى أصحابه أو التابعين لهم تارة أخرى وإلى مصادر أهل الكتاب تارات، حتى جعلت هذه الحكايات فكرة المهدي أشبه بفكرة وهمية خيالية.
قال الإمام أحمد رحمه الله: " ثلاثة كتب ليس لها أصول، وهي