والمسألة عنه وأي لوم عليه في أن يجرى بقوله قتل من لا يستحق القتل إذا لم يكن ذلك عن تفريط منه ولا تقصير (1).
* * * قلت أما ظاهر لفظ معاذ فيشعر بما قاله المرتضى ولم يمتنع أن يكون عمر لم يعلم أنها حامل وأن معاذا قد كان من الأدب أن يقول له حامل يا أمير المؤمنين فعدل عن هذا اللفظ بمقتضى أخلاق العرب وخشونتهم فقال له: إن كان لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها فنبهه على العلة والحكم معا وكان الأدب أن ينبهه على العلة فقط.
وأما عدول عمر عن أن يقول أنا أعلم أن الحامل لا ترجم وإنما أمرت برجمها لأني لم أعلم أنها حامل فلأنه إنما يجب أن يقول مثل هذا من يخاف من اضطراب حاله أو نقصان ناموسه وقاعدته إن لم يقله وعمر كان أثبت قدما في ولايته وأشد تمكنا من أن يحتاج إلى الاعتذار بمثل هذا.
وأما قول المرتضى كان يجب أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم فكلام صحيح لازم ولا ريب أن ترك السؤال عن ذلك نوع من الخطأ ولكن المرتضى قد ظلم قاضى القضاة لأنه زعم أنه ادعى أن ذلك صغيرة ثم أنكر عليه ذلك ومن أين له ذلك!
وأي دليل دل على أن هذه المعصية صغيرة وقاضي القضاة ما ادعى أن ذلك صغيرة! بل قال: لا يمتنع أن يكون ذلك خطيئة وإن صغرت والعجب أنه حكى لفظ قاضى القضاة بهذه الصورة، ثم قال: إنه ادعى أنها صغيرة، وبين قول القائل (لا يمتنع أن يكون صغيرة) وقوله (هي صغيرة) لا محالة فرق عظيم.
وأما قول عمر: لولا معاذ لهلك عمر فان ظاهر اللفظ يشعر بما يريده المرتضى وينحو إليه ولا يمتنع أن يكون المقصود به ما ذكره قاضى القضاة وإن كان مرجوحا فإن القائل خطأ