شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٠
ذكره المؤرخون أنه قال: ما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وإنما غاب عنا كما غاب موسى عن قومه وسيعود فتقطع أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته وهذه الرواية تخالف ما ذكره المرتضى.
فأما قوله: وكيف حمل معنى قوله: (ليظهره على الدين كله) وقوله ﴿وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا﴾ (1) على أن ذلك لا يكون في المستقبل! فقد بينا الشبهة الداخلة عليه في ذلك وكونه ظن أن ذلك يكون معجلا على الفور وكذلك قوله (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) (1) فإنه ظن أن هذا العموم يدخل فيه رسول الله صلى الله عليه وآله لأنه سيد المؤمنين وسيد الصالحين أو أنه لفظ عام والمراد به رسول الله وحده كما ورد في كثير من آيات القرآن مثل ذلك فظن أن هذا الاستخلاف في جميع الأرض وتبديل الخوف بالأمن إنما هو على الفور لا على التراخي وليست هذه الشبهة بضعيفة جدا كما ظن المرتضى بل هي موضع نظر.
فأما قوله (كيف لم يؤمن بموته لما رأى من كآبة الناس وحزنهم!) فلان الناس يبنون الامر على الظاهر وعمر نظر في أمر باطن دقيق فأعتقد أن الرسول لم يمت وإنما ألقى شبهة على غيره كما ألقى شبه عيسى على غيره فصلب وعيسى قد رفع ولم يصلب واعلم أن أول من سن لأهل الغيبة من الشيعة القول بأن الامام لم يمت ولم يقتل وإن كان في الظاهر وفى مرأى العين قد قتل أو مات إنما هو عمر ولقد كان يجب على المرتضى وطائفته أن يشكروه على ما أسس لهم من هذا الاعتقاد.

(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281