شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٦
على لهلك عمر دلنا على أنه كان تأثم وتحرج بوقوع الامر بالرجم وأنه مما لا يجوز ولا يحل وإلا فلا معنى لهذا الكلام وأما ذكر الغم فأي غم كان يلحقه إذا فعل ما له أن يفعله!
ولم يكن منه تفريط ولا تقصير لأنه إذا كان جنونها لم يعلم به فكانت المسألة عن حالها والبحث لا يجبان عليه فأي وجه لتألمه وتوجعه واستعظامه لما فعله! وهل هذا إلا كرجم المشهود عليه بالزنا في أنه لو ظهر للامام بعد ذلك براءة ساحته لم يجب أن يندم على فعله ويستعظمه لأنه وقع صوابا مستحقا.
وأما قوله إنه كان لا يمتنع في الشرع أن يقام الحد على المجنون وتأوله الخبر المروى على أنه يقتضى زوال التكليف دون الاحكام فان أراد أنه لا يمتنع في العقل أن يقام على المجنون ما هو من جنس الحد بغير استخفاف ولا إهانة فذلك صحيح كما يقام على التائب وأما الحد في الحقيقة وهو الذي تضمنه الاستخفاف والإهانة فلا يجوز إلا على المكلفين ومستحقي العقاب وبالجنون قد أزيل التكليف فزال استحقاق العقاب الذي تبعه الحد.
وقوله: لا يمتنع أن يرجع فيما هذه حاله من المشتبه إلى غيره فليس هذا من المشتبه الغامض بل يجب أن يعرفه العوام فضلا عن العلماء على أنا قد بينا إنه لا يجوز أن يرجع الإمام في جلى ولا مشتبه من أحكام الدين إلى غيره.
وقوله: إن الخطأ في ذلك لا يعظم فيمنع من صحة الإمامة اقتراح بغير حجة لأنه إذا اعترف بالخطأ فلا سبيل للقطع على أنه صغير (1).
قلت لو كان قد نقل أن أمير المؤمنين قال له: (أما علمت) لكان قول المرتضى قويا ظاهرا إلا أنه لم ينقل هذه الصيغة بعينها والمعروف المنقول أنه قال له: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (رفع القلم عن ثلاث) فرجع عن رجمها ويجوز أن يكون أشعره بالعلة

(1) الشافي 353، 354.
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281