شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٩
بما روى أنه تسور على قوم ووجدهم على منكر فقالوا له: إنك أخطأت من جهات تجسست وقال الله تعالى: ﴿ولا تجسسوا﴾ (1) ودخلت بغير إذن ولم تسلم (2).
أجاب قاضى القضاة فقال: علمنا بتقدم عمر في العلم وفضله فيه ضروري فلا يجوز أن يقدح فيه بأخبار أحاديث غير مشهورة وإنما أراد في المشهور أن المستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وأن المغالاة فيها ليس بمكرمة ثم عند التنبيه علم أن ذلك مبنى على طيب النفس فقال: ما قاله على جهة التواضع لان من أظهر الاستفادة من غيره - وإن قل علمه - فقد تعاطى الخضوع ونبه على أن طريقته أخذ الفائدة أينما وجدها وصير نفسه قدوة في ذلك وأسوة وذلك حسن من الفضلاء وأما حديث التجسس فإن كان فعله فقد كان له ذلك لان للامام أن يجتهد في إزالة المنكر بهذا الجنس من الفعل وإنما لحقه - على ما (3) يروى في الخبر - الخجل لأنه لم يصادف الامر على ما ألقي إليه في إقدامهم على المنكر اعترض المرتضى على هذا الجواب فقال له: أما تعويلك على العلم الضروري بكونه من أهل العلم والاجتهاد فذلك إذا صح لم ينفعك لأنه قد يذهب على من هو بهذه الصفة كثير من الاحكام حتى ينبه عليها ويجتهد فيها وليس العلم الضروري ثابتا بأنه عالم بجميع أحكام الدين فيكون قاضيا على هذه الأخبار فأما تأوله الحديث وحمله على الاستحباب فهو دفع للعيان لان المروى أنه منع من ذلك وحظره حتى قالت المرأة ما قالت ولو كان غير حاظر للمغالاة لما كان في الآية حجة ولا كان لكلام المرأة موقع ولا كان يعترف لها بأنها أفقه منه بل كان الواجب أن يرد عليها ويوبخها ويعرفها أنه ما حظر لذلك وإنما تكون .

(١) سورة الحجرات ١٢ (2) ا: (ودخلت ولم تسلم).
(3) ا: (روى).
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281