بما روى أنه تسور على قوم ووجدهم على منكر فقالوا له: إنك أخطأت من جهات تجسست وقال الله تعالى: ﴿ولا تجسسوا﴾ (1) ودخلت بغير إذن ولم تسلم (2).
أجاب قاضى القضاة فقال: علمنا بتقدم عمر في العلم وفضله فيه ضروري فلا يجوز أن يقدح فيه بأخبار أحاديث غير مشهورة وإنما أراد في المشهور أن المستحب الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله وأن المغالاة فيها ليس بمكرمة ثم عند التنبيه علم أن ذلك مبنى على طيب النفس فقال: ما قاله على جهة التواضع لان من أظهر الاستفادة من غيره - وإن قل علمه - فقد تعاطى الخضوع ونبه على أن طريقته أخذ الفائدة أينما وجدها وصير نفسه قدوة في ذلك وأسوة وذلك حسن من الفضلاء وأما حديث التجسس فإن كان فعله فقد كان له ذلك لان للامام أن يجتهد في إزالة المنكر بهذا الجنس من الفعل وإنما لحقه - على ما (3) يروى في الخبر - الخجل لأنه لم يصادف الامر على ما ألقي إليه في إقدامهم على المنكر اعترض المرتضى على هذا الجواب فقال له: أما تعويلك على العلم الضروري بكونه من أهل العلم والاجتهاد فذلك إذا صح لم ينفعك لأنه قد يذهب على من هو بهذه الصفة كثير من الاحكام حتى ينبه عليها ويجتهد فيها وليس العلم الضروري ثابتا بأنه عالم بجميع أحكام الدين فيكون قاضيا على هذه الأخبار فأما تأوله الحديث وحمله على الاستحباب فهو دفع للعيان لان المروى أنه منع من ذلك وحظره حتى قالت المرأة ما قالت ولو كان غير حاظر للمغالاة لما كان في الآية حجة ولا كان لكلام المرأة موقع ولا كان يعترف لها بأنها أفقه منه بل كان الواجب أن يرد عليها ويوبخها ويعرفها أنه ما حظر لذلك وإنما تكون .