والحكم معا لان هذا الموضع أكثر اشتباها من حديث رجم الحامل فغلب على ظن أمير المؤمنين أنه لو اقتصر على قوله: إنها مجنونة لم يكن ذلك دافعا لرجمها فأكده برواية الحديث واعتذار قاضى القضاة بالغم جيد وقول المرتضى أي غم كان يلحقه إذا فعل ما له أن يفعله! ليس بإنصاف ولا مثل هذا يقال فيه إنه فعل ما له أن يفعله ولا يقال في العرف لمن قتل إنسانا خطأ إنه فعل ما له أن يفعله والمرجوم في الزنا إذا ظهر للامام بعد قتله براءة ساحته قد يغتم بقتله غما كثيرا بالطبع البشرى ويتألم وإن لم يكن آثما وليس من توابع الاثم ولوازمه.
وقول المرتضى لم يجب أن يندم على ما فعله كلام خارج عما هو بصدده لأنه لم يجر ذكر للندم وإنما الكلام في الغم ولا يلزم أن يكون كل مغتم نادما.
وأما اعتراضه على قاضى القضاة في قوله لا يمتنع في الشرع أن ترجم المجنونة فلما اشتبه على عمر الامر سأل غيره عنه بقوله (أن أردت الحد الحقيقي فمعلوم وإن أردت ما هو جنس الحد فمسلم) فليس بجيد لان هذا إنما يكون طعنا على عمر بتقدير ثلاثة أمور: أحدها أن يكون النبي صلى الله عليه وآله قد قال: (أقيموا الحد على الزاني) بهذا اللفظ أعني أن يكون في لفظ النص ذكر الحد وثانيها أن يكون الحد في اللغة العربية أو في عرف الشرع الذي يتفاهمه الصحابة هو العقوبة المخصوصة التي يقارنها الاستخفاف والإهانة وثالثها ألا يصح إهانة المجنون والاستخفاف به وأن يعلم عمر ذلك فإذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة ثم أمر عمر بأن يقام الحد على المجنونة فقد توجه الطعن ومعلوم أنه لم تجتمع هذه الأمور الثلاثة فإنه ليس في القرآن ولا في السنة ذكر الحد بهذا اللفظ ولا الحد في اللغة العربية هو العقوبة التي يقارنها الاستخفاف والإهانة ولا عرف الشرع ومواضعة الصحابة يشتمل على ذلك وإنما هذا شئ استنبطه المتكلمون المتأخرون بأذهانهم وأفكارهم ثم بتقدير تسليم هذين المقامين لم قال: إن المجنون