فأما قوله فهلا قال في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى جزعهم لموته:
(قد أمنكم الله من موته)! فغير لازم لان الشبهة لا تجب أن تخطر بالبال في كل الأوقات فلعله قد كان في ذلك الوقت غافلا عنها مشغول الذهن بغيرها ولو صح للمرتضى هذا لوجب أن يدفع ويبطل كل ما يتجدد ويطرأ على الناس من الشبهة في المذاهب والآراء فنقول: كيف طرأت عليهم هذه الشبهات الان ولم تطرأ عليهم من قبل؟ وهذا من اعتراضات المرتضى الضعيفة على أنا قد ذكرنا نحن في الجزء الأول من هذا الكتاب ما قصده عمر بقوله (أن رسول الله لم يمت) وقلنا فيه قولا شافيا لم نسبق إليه فليعاود ثم قال المرتضى: فأما ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام من خبر الاستحلاف في الاخبار فلا يدل على عدم علم أمير المؤمنين بالحكم لأنه يجوز أن يكون استحلافه ليرهب المخبر ويخوفه من الكذب على النبي صلى الله عليه وآله لان العلم بصحة الحكم الذي يتضمنه الخبر لا يقتضى صدق المخبر وأيضا فلا تاريخ لهذا الحديث (1) ويمكن أن يكون استحلافه عليه السلام للرواة (2) إنما كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وفى تلك الحال لم يكن محيطا بجميع الاحكام.
فأما حديث الدفن وإدخاله في باب أحكام الدين التي يجب معرفتها فطريف وقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه وآله سمع من النبي صلى الله عليه وآله في باب الدفن مثل ما سمعه أبو بكر وكان عازما على العمل به حتى روى أبو بكر ما رواه فعمل بما كان يعلمه لا من طريق أبى بكر وظن الناس أن العمل لأجله ويجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله خير وصيه عليه السلام في موضع دفنه ولم يعين له موضعا بعينه فلما روى أبو بكر ما رواه رأى موافقته فليس في هذا دلالة على أنه عليه السلام استفاد حكما لم يكن عنده.