شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٥٥
فقال عمر لجلسائه واها لابن عباس ما رأيته لاحى أحدا قط إلا خصمه!.
* * * لما توفى عبد الله بن أبي رأس المنافقين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ابنه وأهله فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى عليه فقام بين يدي الصف يريد ذلك فجاء عمر فجذبه من خلفه وقال ألم ينهك الله أن تصلى على المنافقين فقال إني خيرت فاخترت فقيل لي ﴿استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم﴾ (1) ولو أنى أعلم أنى إذا زدت على السبعين غفر له لزدت ثم صلى رسول الله عليه ومشى معه وقام على قبره.
فعجب الناس من جرأة عمر على رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم يلبث الناس إلا أن نزل قوله تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره..) (1) فلم يصل عليه السلام بعدها على أحد من المنافقين (2).
* * * وروى أبو هريرة قال كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر فقام من بين أظهرنا فأبطأ علينا وخشينا أن يقطع دوننا فقمنا وكنت أول من فزع فخرجت أبتغيه حتى أتيت حائطا (3) للأنصار لقوم من بنى النجار، فلم أجد له بابا إلا ربيعا فدخلت في جوف الحائط - والربيع الجدول - فدخلت منه بعد أن احتفرته فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو هريرة! قلت: نعم، قال: ما شأنك؟ قلت:
كنت بين أظهرنا فقمت فأبطأت عنا، فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا - وكنت أول من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفرته كما يحتفر الثعلب، والناس من ورائي

(١) سورة التوبة ٨٠، 84 (2) الرياض النضرة 1: 140 (3) الحائط هنا: البستان.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281