فقال له: يا أبا بكر، ألم يكن وعدنا أننا سندخل مكة، فأين ما وعدنا به؟ فقال أبو بكر:
أقال لك: إنه العام يدخلها؟ قال: لا قال: فسيدخلها، فقال: فما هذه الصحيفة التي كتبت؟ وكيف نعطي الدنية من أنفسنا! فقال أبو بكر: يا هذا الزم غرزه (1) فوالله انه لرسول الله وإن الله لا يضيعه.
فلما كان يوم الفتح وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة قال:
ادعوا لي عمر، فجاء فقال: هذا الذي كنت وعدتكم به (2).
* * * لما قتل المشركون يوم بدر أسر منهم سبعون أسيرا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبا بكر وعمر فقال أبو بكر يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والاخوان، وأرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على المشركين وعسى أن يهديهم الله بعد اليوم، فيكونوا لنا عذرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ما تقول أنت يا عمر؟ قال: أرى أن تمكنني من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل، فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين. اقتلهم يا رسول الله، فإنهم صناديدهم وقادتهم فلم يهو رسول الله ما قاله عمر.
قال عمر: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجدته قاعدا وأبو بكر وهما يبكيان، فقلت: ما يبكيكما؟ حدثاني، فإن وجدت بكاء بكيت وإلا تباكيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبكى لاخذ الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة - لشجرة قريبة منه.