شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٣١
من مقدمات الزنا وأسبابه. فهلا ضم عمر إلى جلد الثلاثة تعزير هذا الذي قد صح عنده بشهادة الأربعة ما صح من الفاحشة، مثل تعريك أذنه، أو ما يجرى مجراه من خفيف التعزير ويسيره! وهل في العدول عن ذلك - حتى عن لومه وتوبيخه والاستخفاف - به إلا ما ذكروه من السبب الذي يشهد الحال به (1) قلت: أما المغيرة فلا شك عندي أنه زنى بالمرأة، ولكني لست أخطئ عمر في درء الحد عنه وإنما أذكر أولا قصته من كتابي أبى جعفر محمد بن جرير الطبري وأبى الفرج علي بن الحسن الأصفهاني ليعلم أن الرجل زنى بها لا محالة ثم أعتذر لعمر في درء الحد عنه.
قال الطبري في تاريخه (2): وفي هذه السنة - يعنى سنة سبع عشرة - ولى عمر أبا موسى البصرة وأمره أن يشخص إليه المغيرة بن شعبة وذلك لأمر بلغه عنه قال الطبري: حدثني محمد بن يعقوب بن عتبة، قال: حدثني أبي قال: كان المغيرة يخالف إلى أم جميل امرأة من بنى هلال بن عامر وكان لها زوج من ثقيف هلك قبل ذلك يقال له الحجاج بن عبيد وكان المغيرة - وكان أمير البصرة - يختلف إليها سرا فبلغ ذلك أهل البصرة فأعظموه فخرج المغيرة يوما من الأيام إلى المرأة فدخل عليها وقد وضعوا عليهما الرصد فانطلق القوم الذين شهدوا عند عمر فكشفوا الستر فرأوه قد واقعها فكتبوا بذلك إلى عمر وأوفدوا إليه بالكتاب أبا بكرة فانتهى أبو بكرة إلى المدينة وجاء إلى باب عمر فسمع صوته وبينه وبينه حجاب فقال: أبو بكرة فقال: نعم، قال: لقد جئت لشر! قال: إنما جاء به المغيرة ثم قص عليه القصة وعرض عليه الكتاب فبعث أبا موسى عاملا وأمره

(1) الشافي 255، 256.
(2) تاريخ الطبري ا: 2529 - 261 (طبع أوروبا).
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281