شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢١٣
وأما الاقتراض من بيت المال فهو مما يدعو إلى الريبة ومن كان من التشدد والتحفظ والتقشف على الحد الذي ذكره كيف تطيب نفسه بالاقتراض من بيت المال وفيه حقوق وربما مست الحاجة إلى الاخراج منها وأي حاجة لمن كان جشب المأكل خشن الملبس يتبلغ بالقوت إلى اقتراض الأموال!.
فأما حكايته عن الفقهاء أن الاحتياط أن يحفظ مال الأيتام في ذمة الغنى المأمون فذلك إذا صح لم يكن نافعا له لان عمر لم يكن غنيا ولو كان غنيا لما اقترض فقد خرج اقتراضه عن أن يكون من باب الاحتياط وإنما اشترط (1) الفقهاء مع الأمانة الغنى لئلا تمس الحاجة إليه فلا يمكن ارتجاعه ولهذا قلنا إن اقتراضه لحاجته إلى المال لم يكن صوابا وحسن نظر للمسلمين (2).
* * * قلت أما قوله: لا يجوز للامام أن يفضل في العطاء الا لسبب يقتضى ذلك كالجهاد فليست أسباب التفضيل مقصورة على الجهاد وحده فقد يستحق الانسان التفضيل في العطاء على غيره لكثرة عبادته أو لكثرة علمه أو انتفاع الناس به فلم لا يجوز أن يكون عمر فضل الزوجات لذلك!.
وأيضا فان الله تعالى فرض لذوي القربى من رسول الله صلى الله عليه وآله نصيبا في الفئ والغنيمة ليس إلا لأنهم ذوو قرابته فقط فما المانع من أن يقيس عمر على ذلك ما فعله في العطاء فيفضل ذوي قرابة رسول في ذلك على غيرهم ليس إلا لأنهم ذوو قرابته والزوجات وإن لم يكن لهن قربى النسب فلهن قربى الزوجية وكيف يقول المرتضى ما جاز أن يفضل أحدا إلا بالجهاد! وقد فضل الحسن والحسين على كثير من أكابر المهاجرين والأنصار وهما صبيان ما جاهدا ولا بلغا الحلم بعد وأبوهما أمير المؤمنين

(1) الشافي: (شرط).
(2) الشافي 255، وبعدها: (وفيه كفاية).
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281