شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٤
والمسألة عنه وأي لوم عليه في أن يجرى بقوله قتل من لا يستحق القتل إذا لم يكن ذلك عن تفريط منه ولا تقصير (1).
* * * قلت أما ظاهر لفظ معاذ فيشعر بما قاله المرتضى ولم يمتنع أن يكون عمر لم يعلم أنها حامل وأن معاذا قد كان من الأدب أن يقول له حامل يا أمير المؤمنين فعدل عن هذا اللفظ بمقتضى أخلاق العرب وخشونتهم فقال له: إن كان لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها فنبهه على العلة والحكم معا وكان الأدب أن ينبهه على العلة فقط.
وأما عدول عمر عن أن يقول أنا أعلم أن الحامل لا ترجم وإنما أمرت برجمها لأني لم أعلم أنها حامل فلأنه إنما يجب أن يقول مثل هذا من يخاف من اضطراب حاله أو نقصان ناموسه وقاعدته إن لم يقله وعمر كان أثبت قدما في ولايته وأشد تمكنا من أن يحتاج إلى الاعتذار بمثل هذا.
وأما قول المرتضى كان يجب أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم فكلام صحيح لازم ولا ريب أن ترك السؤال عن ذلك نوع من الخطأ ولكن المرتضى قد ظلم قاضى القضاة لأنه زعم أنه ادعى أن ذلك صغيرة ثم أنكر عليه ذلك ومن أين له ذلك!
وأي دليل دل على أن هذه المعصية صغيرة وقاضي القضاة ما ادعى أن ذلك صغيرة! بل قال: لا يمتنع أن يكون ذلك خطيئة وإن صغرت والعجب أنه حكى لفظ قاضى القضاة بهذه الصورة، ثم قال: إنه ادعى أنها صغيرة، وبين قول القائل (لا يمتنع أن يكون صغيرة) وقوله (هي صغيرة) لا محالة فرق عظيم.
وأما قول عمر: لولا معاذ لهلك عمر فان ظاهر اللفظ يشعر بما يريده المرتضى وينحو إليه ولا يمتنع أن يكون المقصود به ما ذكره قاضى القضاة وإن كان مرجوحا فإن القائل خطأ

(1) الشافي 353.
(٢٠٤)
مفاتيح البحث: القتل (2)، الخوف (1)، الرجم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281