ومنها التفويض قال الله تعالى ﴿وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ (١) فاستوقف من عقل امره عن الاقتراح عليه وأفهمه ما يرضاه به من التفويض إليه فالعاقل تارك للاقتراح على العالم بالصلاح.
وقال تعالى ﴿فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا﴾ (٢) فبعث على تأكيد الرجاء بقوله (خيرا كثيرا).
ولما فوض مؤمن آل فرعون امره إلى الله وقاه ﴿الله سيئات ما مكروا وحاق بال فرعون سوء العذاب﴾ (٣) كما ورد في الكتاب العزيز.
وحقيقة التفويض هي التسليم لأحكام الحق سبحانه والى ذلك وقعت الإشارة بقوله تعالى ﴿قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون﴾ (4) فاس التفويض والباعث عليه هو اعتقاد العجز عن مغالبة القدر وانه لا يكون في الخير والشر - أعني الرخص والصحة وسعة الرزق والبلايا والأمراض والعلل وضيق الرزق الا ما أراد الله تعالى كونه ولا يصح التفويض ممن لم يعتقد ذلك ولم يعلمه علم اليقين.
وقد بالغ النبي صلى الله عليه وآله في التصريح به والنص عليه بقوله لعبد الله بن مسعود (ليقل همك ما قدر اتاك وما لم يقدر لم يأتك ولو جهد الخلق أن ينفعوك بشئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه الله عليك لم يقدروا على ذلك)