خالصا فكان تأثير قوله في النفوس أعظم وسريان موعظته في القلوب أبلغ * * * ثم نعود إلى تفسير الفصل فالبرزخ الحاجز بين الشيئين والبرزخ ما بين الدنيا والآخرة من وقت الموت إلى البعث فيجوز أن يكون البرزخ في هذا الموضع القبر لأنه حاجز بين الميت وبين أهل الدنيا كالحائط المبنى بين اثنين فإنه برزخ بينهما ويجوز أن يريد به الوقت الذي بين حال الموت إلى حال النشور والأول أقرب إلى مراده عليه السلام لأنه قال (في بطون البرزخ) ولفظة (البطون) تدل على التفسير الأول ولفظتا (اكلت الأرض من لحومهم وشربت من دمائهم) مستعارتان.
والفجوات جمع فجوة وهي الفرجة المتسعة بين الشيئين قال سبحانه ﴿وهم في فجوة منه﴾ (1) وقد تفاجى الشئ إذا صارت له فجوة.
وجمادا لا ينمون أي خرجوا عن صورة الحيوانية إلى صورة الجماد الذي لا ينمى ولا يزيد ويروى (لا ينمون) بتشديد الميم من النميمة وهي الهمس والحركة ومنه قولهم اسكت الله نامته في قول من شدد ولم يهمز.
وضمارا يقال لكل ما لا يرجى من الدين والوعد وكل ما لا تكون منه على ثقة ضمار.
ثم ذكر أن الأهوال الحادثة في الدنيا لا تفزعهم وأن تنكر الأحوال بهم وباهل الدنيا لا يحزنهم ويروى (تحزنهم) على أن الماضي رباعي.
ومثله قوله (لا يحفلون بالرواجف) أي لا يكترثون بالزلازل