قوله (إذ عرض له عارض) يعنى الموت ومن غصصه جمع غصة وهو ما يعترض مجرى الأنفاس ويقال إن كل ميت من الحيوان لا يموت الا خنقا وذلك لأنه من النفس يدخل فلا يخرج عوضة أو يخرج فلا يدخل عوضة ويلزم من ذلك الاختناق لان الرئة لا تبقى حينئذ مروحة للقلب وإذا لم تروحه اختنق.
قوله (فتحيرت نوافذ فطنته) أي تلك الفطنة النافذة الثاقبة تحيرت عند الموت وتبلدت.
قوله (ويبست رطوبة لسانه) لان الرطوبة اللعابية التي بها يكون الذوق تنشف حينئذ ويبطل الاحساس باللسان تبعا لسقوط القوة.
قوله (فكم من مهم من جوابه عرفة فعي عن رده) نحو أن يكون له مال مدفون يسال عنه حال ما يكون محتضرا فيحاول أن يعرف أهله به فلا يستطيع ويعجز عن رد جوابهم وقد رأينا من عجز عن الكلام فأشار إشارة فهموا معناها وهي الدواة والكاغد فلما حضر ذلك اخذ القلم وكتب في الكاغد ما لم يفهم ويده ترعد ثم مات قوله (ودعاء مؤلم لقلبه سمعه فتصام عنه) أظهر الصمم لأنه لا حيلة له.
ثم وصف ذلك الدعاء فقال (من كبير كان يعظمه) نحو صراخ الوالد على الولد والولد يسمع ولا يستطيع الكلام (وصغير كان يرحمه) نحو صراخ الولد على الوالد وهو يسمع ولا قدرة له على جوابه.
ثم ذكر غمرات الدنيا فقال إنها أفظع من أن تحيط الصفات بها وتستغرقها أي تأتى على كنهها وتعبر عن حقائقها.
قوله (أو تعتدل على عقول أهل الدنيا) هذا كلام لطيف فصيح غامض ومعناه