ودفين على بقايا دفين * من عهود الاباء والأجداد (1) صاح هذى قبورنا تملأ الأرض * فأين القبور من عهد عاد (2) سر إن اسطعت في الهواء رويدا * لا اختيالا على رفات العباد.
قوله (وتستنبتون في أجسادهم) أي تزرعون النبات في أجسادهم وذلك لان أديم الأرض الظاهر إذا كان من أبدان الموتى فالزرع لا محالة يكون نابتا في الاجزاء الترابية التي هي أبدان الحيوانات وروى وتستثبتون بالثاء أي وتنصبون الأشياء الثابتة كالعمد والأساطين للأوطان في أجساد الموتى.
ثم قال (وترتعون فيما لفظوا) لفظت الشئ بالفتح رميته من فمي ألفظه بالكسر ويجوز أن يريد بذلك انكم تأكلون ما خلفوه وتركوه ويجوز أن يريد انكم تأكلون الفواكه التي تنبت في اجزاء ترابية خالطها الصديد الجاري من أفواههم ثم قال (وتسكنون فيما خربوا) أي تسكنون في المساكن التي لم يعمروها بالذكر والعبادة فكأنهم أخربوها في المعنى ثم سكنتم أنتم فيها بعدهم ويجوز أن يريد أن كل دار عامرة قد كانت من قبل خربة وإنما أخربها قوم بادوا وماتوا فإذن لا ساكن منا في عمارة الا ويصدق عليه انه ساكن فيما قد كان خرابا من قبل والذين أخربوه الان موتى ويجوز أن يريد بقوله (وتسكنون فيما خربوا) وتسكنون في دور فارقوها وأخلوها فأطلق على الخلو والفراغ لفظ (الخراب) مجازا.
قوله (وإنما الأيام بينكم وبينهم بواك ونوائح عليكم) يريد أن الأيام والليالي تشيع رائحا إلى المقابر وتبكي وتنوح على الباقين الذين سيلتحقون به عن قريب.