ثم قال (لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة) أي لم ينظروا النظر المفضى إلى الرؤية لان أبصارهم ذات عشوة وهو مرض في العين ينقص به الابصار و في عين فلان عشاء وعشوة بمعنى ومنه قيل لكل أمر ملتبس يركبه الراكب على غير بيان أمر عشوة ومنه أوطأتني عشوة ويجوز بالضم والفتح.
قال (وضربوا بهم في غمرة جهالة) أي وضربوا من ذكر هؤلاء الموتى في بحر جهل والضرب ها هنا استعارة أو يكون من الضرب بمعنى السير كقوله تعالى ﴿وإذا ضربتم في الأرض﴾ (١) أي خاضوا وسبحوا من ذكرهم في غمرة جهالة وكل هذا يرجع إلى معنى واحد وهو تسفيه رأى المفتخرين بالموتى والقاطعين الوقت بالتكاثر بهم اعراضا عما يجب انفاقه من العمر في الطاعة والعبادة.
ثم قال (لو سألوا عنهم ديارهم التي خلت منهم) ويمكن أن يريد بالديار والربوع القبور (لقالت ذهبوا في الأرض ضلالا) أي هالكين ومنه قوله تعالى ﴿وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد﴾ (2).
وذهبتم في أعقابهم أي بعدهم (جهالا) لغفلتكم وغروركم.
قوله عليه السلام: (تطؤون في هامهم) اخذ هذا المعنى أبو العلاء المعرى فقال خفف الوطء ما أظن أديم الأرض * الا من هذه الأجساد (3) رب لحد قد صار لحدا مرارا * ضاحك من تزاحم الأضداد