والواو في قوله: (وإنا لصحبتكم)، واو الحال، وكذلك الواو في قوله: (وبكم غير كثير)، وقوله: (غير كثير) لفظ فصيح، وقال الشاعر:
لي خمسون صديقا * بين قاض وأمير لبسوا الوفر فلم أخلع بهم ثوب النفير لكثير هم ولكني بهم غير كثير.
قوله: (لله أنتم لله)، لله في موضع رفع، لأنه خبر عن المبتدأ الذي هو (أنتم)، ومثله:
لله در فلان! ولله بلاد فلان! ولله أبوك! واللام هاهنا فيها معنى التعجب، والمراد بقوله:
(لله أنتم) لله سعيكم، أو لله علمكم، كما قالوا: (لله درك!) أي عملك، فحذف المضاف وأقيم الضمير المنفصل المضاف إليه مقامه.
فإن قلت: أفجاءت هذه اللام بمعنى التعجب في غير لفظ (لله)؟
قلت: لا، كما أن تاء القسم لم تأت إلا في اسم الله تعالى.
قوله عليه السلام: (أما دين يجمعكم!) ارتفاع (دين) على أنه فاعل فعل مقدر، له، أي أما يجمعكم دين يجمعكم! اللفظ الثاني مفسر للأول كما قدرناه بعد (إذا) في قوله سبحانه: (إذا السماء انشقت) ويجوز أن يكون (حمية) مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: أما لكم حمية!
والحمية: الأنفة. وشحذت النصل: أحددته.
فإن قلت: كيف قال: إن معاوية لم يكن يعطى جنده وأنه هو عليه السلام كان يعطيهم، والمشهور أن معاوية كان يمد أصحابه بالأموال والرغائب!
قلت: إن معاوية لم يكن يعطى جنده على وجه المعونة والعطاء، وإنما كان يعطى رؤساء القبائل من اليمن وساكني الشام الأموال الجليلة، يستعبدهم بها، ويدعو أولئك