أقصى غاياته لم يصل إلى أن يكون قاضيا لحق الله تعالى، ولا مؤديا لشكره ولكنه قال ذلك على سبيل المبالغة.
ثم قال: (وإلى ثوابه مقربا، ولحسن مزيده موجبا)، وذلك لان الشكر يوجب الثواب والمزيد، قال الله تعالى: (فاذكروني أذكركم) (1)، أي (أثبكم)، وقال:
(لئن شكرتم لأزيدنكم) (2).
ثم شرع في الاستعانة بالله ففصلها أحسن تفصيل، فذكر أنه يستعين به استعانة راج لفضله في الآخرة، مؤمل لنفعه في الدنيا، واثق بدفعه المضار عنه، وذلك لأنه أراد أن يحتوي على وجوه ما يستعان به تعالى لأجله، فذكر الأمور الايجابية، وأعقبها بالأمور السلبية، فالأولى جلب المنافع، والثانية دفع المضار.
والطول: الإفضال. والاذعان: الانقياد والطاعة.
وأناب إليه أقبل، وتاب. وخنع: خضع، والمصدر الخنوع. ولاذ به: لجأ إليه.
* * * الأصل:
لم يولد سبحانه فيكون في العز مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا.
ولم يتقدمه وقت ولا زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات التدبير المتقن، والقضاء المبرم. فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد، قائمات بلا سند، دعاهن فأجبن طائعات مذعنات، غير متلكئات ولا مبطئات.
ولولا إقرارهن له بالربوبية، وإذعانهن له بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه