الأسلاف الذين قد انغرس في النفس تعظيمهم، ومالت القلوب إلى تقليدهم لحسن الظن بهم.
ثم قال: (أقرب بقوم!) أي ما أقربهم من الجهل! كما قال تعالى: ﴿أسمع بهم وأبصر﴾ (١) أي ما أسمعهم وأبصرهم!.
فإن قلت: قد كان يجب أن يقول: (وأقرب بقوم قائدهم معاوية ومؤدبهم ابن النابغة من الجهل) فلا يحول بين النكرة الموصوفة وصفتها بفاصل غريب، ولم يقل ذلك، بل فصل بين الصفة والموصوف بأجنبي منهما!.
قلت: قد جاء كثير من ذلك، نحو قوله تعالى: ﴿وممن حولكم من الاعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق﴾ (٢) في قول من لم يجعل (مردوا) صفة أقيمت مقام الموصوف، لأنه يجعل (مردوا) صفة القوم المحذوفين المقدرين بعد (الاعراب) وقد حال بين ذلك وبين (مردوا) قوله: (ومن أهل المدينة).
ونحوه قوله تعالى: ﴿أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا، قيما﴾ (3).
فإن (قيما) حال من الكتاب وقد توسط بين الحال وذي الحال (ولم يجعل له عوجا) والحال كالصفة، ولأنهم قد أجازوا: (مررت برجل - أيها الناس - طويل)، والنداء أجنبي، على أنا لا نسلم أن قوله: (من الجهل) أجنبي، لأنه متعلق بأقرب، والأجنبي مالا تعلق له بالكلام.