وفاته: أقلل معرفة الناس، فإن التخلص منهم شديد، ولا أحسبني رأيت ما أكره إلا ممن عرفت.
وقال بعضهم: جئت إلى مالك بن دينار وهو قاعد وحده، وعنده كلب رابض قريبا منه، فذهبت أطرده فقال: دعه فإنه لا يضر ولا يؤذى، وهو خير من الجليس السوء.
وقال أبو الدرداء: اتقوا الله واحذروا الناس، فإنهم ما ركبوا ظهر بعير إلا أدبروه، ولا ظهر جواد إلا عقروه، ولا قلب مؤمن إلا أخربوه.
وقال بعضهم: أقلل المعارف، فإنه أسلم لدينك وقلبك، وأخف لظهرك، وأدعى إلى سقوط الحقوق عنك، لأنه كلما كثرت المعارف كثرت الحقوق، وعسر القيام بالجميع.
وقال بعضهم: إذا أردت النجاة فأنكر من تعرف، ولا تتعرف إلى من لا تعرف.
* * * ومنها: إن في العزلة بقاء الستر على المروءة والخلق والفقر وسائر العورات، وقد مدح الله تعالى المستترين فقال: ﴿يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف﴾ (1).
وقال الشاعر:
ولا عار أن زالت عن الحر نعمة * ولكن عارا أن يزول التجمل.
وليس يخلو الانسان في دينه ودنياه وأفعاله عن عورات يتقين ويجب سترها، ولا تبقى السلامة مع انكشافها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بترك المخالطة.
* * * ومنها أن ينقطع طمع الناس عنك، وينقطع طمعك عن الناس، أما انقطاع طمع الناس عنك ففيه نفع عظيم، فإن رضا الخلق غاية لا تدرك، لان أهون حقوق الناس