إلا النساء، وهذا مثله، وهذا ابن عبد المطلب بن هاشم، وهذا في قعدده (1)، وأبواهما أخوان لأب واحد دون غيرهما من بنى عبد المطلب، وربى محمد صلى الله عليه وآله في حجر والد هذا وهو أبو طالب، فكان جاريا عنده مجرى أحد أولاده. ثم لما شب صلى الله عليه وآله وكبر استخلصه من بنى أبى طالب وهو غلام، فرباه في حجره مكافأة لصنيع أبى طالب به، فامتزج الخلقان، وتماثلت السجيتان، وإذا كان القرين مقتديا بالقرين، فما ظنك بالتربية والتثقيف الدهر الطويل! فواجب أن تكون أخلاق محمد صلى الله عليه وآله كأخلاق أبى طالب، وتكون أخلاق علي عليه السلام كأخلاق أبى طالب أبيه، ومحمد عليه السلام مربيه، وأن يكون الكل شيمة واحدة وسوسا (2) واحدا، وطينة مشتركة، ونفسا غير منقسمة ولا متجزئة، وألا يكون بين بعض هؤلاء وبعض فرق ولا فضل، لولا أن الله تعالى اختص محمدا صلى الله عليه وآله برسالته، واصطفاه لوحيه، لما يعلمه من مصالح البرية في ذلك، ومن أن اللطف به أكمل، والنفع بمكانه أتم وأعم، فامتاز رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك عمن سواه، وبقى ما عدا الرسالة على أمر الاتحاد، وإلى هذا المعنى أشار صلى الله عليه وآله بقوله: (أخصمك (3) بالنبوة فلا نبوة بعدي، وتخصم الناس بسبع)، وقال له أيضا: (أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، فأبان نفسه منه بالنبوة، وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما.
وكان النقيب أبو جعفر رحمه الله، غزير العلم، صحيح العقل، منصفا في الجدال، غير متعصب للمذهب، - وإن كان علويا - وكان يعترف بفضائل الصحابة، ويثني على الشيخين.
ويقول: إنهما مهدا دين الاسلام، وأرسيا قواعده، ولقد كان شديد الاضطراب في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وإنما مهداه بما تيسر للعرب من الفتوح والغنائم في دولتهما.
وكان يقول في عثمان: إن الدولة في أيامه كانت على إقبالها وعلو جدها، بل كانت الفتوح في أيامه أكثر، والغنائم أعظم، لولا أنه لم يراع ناموس الشيخين، ولم يستطع أن يسلك