شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٠ - الصفحة ٢٢٢
إلا النساء، وهذا مثله، وهذا ابن عبد المطلب بن هاشم، وهذا في قعدده (1)، وأبواهما أخوان لأب واحد دون غيرهما من بنى عبد المطلب، وربى محمد صلى الله عليه وآله في حجر والد هذا وهو أبو طالب، فكان جاريا عنده مجرى أحد أولاده. ثم لما شب صلى الله عليه وآله وكبر استخلصه من بنى أبى طالب وهو غلام، فرباه في حجره مكافأة لصنيع أبى طالب به، فامتزج الخلقان، وتماثلت السجيتان، وإذا كان القرين مقتديا بالقرين، فما ظنك بالتربية والتثقيف الدهر الطويل! فواجب أن تكون أخلاق محمد صلى الله عليه وآله كأخلاق أبى طالب، وتكون أخلاق علي عليه السلام كأخلاق أبى طالب أبيه، ومحمد عليه السلام مربيه، وأن يكون الكل شيمة واحدة وسوسا (2) واحدا، وطينة مشتركة، ونفسا غير منقسمة ولا متجزئة، وألا يكون بين بعض هؤلاء وبعض فرق ولا فضل، لولا أن الله تعالى اختص محمدا صلى الله عليه وآله برسالته، واصطفاه لوحيه، لما يعلمه من مصالح البرية في ذلك، ومن أن اللطف به أكمل، والنفع بمكانه أتم وأعم، فامتاز رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك عمن سواه، وبقى ما عدا الرسالة على أمر الاتحاد، وإلى هذا المعنى أشار صلى الله عليه وآله بقوله: (أخصمك (3) بالنبوة فلا نبوة بعدي، وتخصم الناس بسبع)، وقال له أيضا: (أنت منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، فأبان نفسه منه بالنبوة، وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما.
وكان النقيب أبو جعفر رحمه الله، غزير العلم، صحيح العقل، منصفا في الجدال، غير متعصب للمذهب، - وإن كان علويا - وكان يعترف بفضائل الصحابة، ويثني على الشيخين.
ويقول: إنهما مهدا دين الاسلام، وأرسيا قواعده، ولقد كان شديد الاضطراب في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وإنما مهداه بما تيسر للعرب من الفتوح والغنائم في دولتهما.
وكان يقول في عثمان: إن الدولة في أيامه كانت على إقبالها وعلو جدها، بل كانت الفتوح في أيامه أكثر، والغنائم أعظم، لولا أنه لم يراع ناموس الشيخين، ولم يستطع أن يسلك

(1) القعدد: القريب الاباء من الجد الأعلى.
(2) أي أصلا واحدا.
(3) أخصمك: أغلبك.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 175 - ومن كلام له عليه السلام في معنى طلحة بن عبيد الله 3
2 ذكر ما كان من أمر طلحة مع عثمان 5
3 176 - من خطبة له عليه السلام في خطاب الغافلين فصل في ذكر بعض أقوال الغلاة في علي 10
4 جملة من أخبار علي بالأمور الغيبة 13
5 177 - من خطبة له عليه السلام يحذر فيها من متابعة الهوى، ثم يبين منزلته القرآن ويطلب متابعته، ثم يحث على الطاعة وحفظ اللسان 16
6 فصل في القرآن وذكر الآثار التي وردت بفضله 20
7 فصل في الآثار الواردة في شديد عذاب جهنم 35
8 فصل في العزلة والاجتماع وما قيل فيهما 37
9 فوائد العزلة 42
10 178 - ومن كلام له عليه السلام في معني الحكمين 55
11 كتاب معاوية إلى عمرو بن العاص وهو على مصر 56
12 179 - ومن خطبة له عليه السلام يمجد الله ثم يحذر من الدنيا، ويذكر أن زوال النعم من سوء الفعال 58
13 180 - ومن كلامه له عليه السلام في تنزيه الله سبحانه، وقد سأله ذعلب اليماني: هل رأيت ربك؟ 64
14 181 - ومن كلام له عليه السلام في ذم أصحابه 67
15 182 - ومن كلام له عليه السلام في ذم قوم نزعوا للحاق بالخوارج 74
16 183 - من خطبة له في تنزيه الله وذكر آثار قدرته، ثم التذكير بما نزل بالسابقين، ثم أظهر أسفه على إخوانه الذين قتلوا بصفين، مع ذكر بعض أوصافهم 76
17 نوف البكالي 76
18 نسب جعدة بن هبيرة 77
19 نسب العمالقة 93
20 نسب عاد وثمود 94
21 نسب الفراعنة 94
22 نسب أصحاب الرس 94
23 عمار بن ياسر ونبذ من أخباره 102
24 ذكر أبي الهيثم بن التيهان، وطرف من أخباره 107
25 ترجمة ذي الشهادتين، خزيمة بن ثابت 108
26 ذكره سعد بن عبادة ونسبه 111
27 ذكر أبي أيوب الأنصاري ونسبه 112
28 184 - من خطبة له عليه السلام في تعظيم الله وتمجيده، وذكر القرآن وما احتوى عليه، ثم بيان منزلة الإنسان في الدنيا والتخويف من عذاب الآخرة 113
29 نبذ وأقاويل في التقوى 121
30 طرف وأخبار 125
31 خطبة لأبي الشحماء العسقلاني 126
32 رأى للمؤلف في كتاب نهج البلاغة 128
33 185 - من كلام له في ذم البرج بن مسهر الطائي 130
34 186 - من كلام له عليه السلام في وصف المتقين 132
35 فصل في فضل الصمت والاقتصاد في المنطق 136
36 ذكر الآثار الواردة في آفات اللسان 138
37 ذكر الخوف وما ورد فيه من الآثار 146
38 ذكر بعض أحوال العارفين 161
39 187 - من خطبة له عليه السلام يصف فيها المنافقين 163
40 188 - من خطبة له عليه السلام في تمجيد الله وذكر بعض صفاته 170
41 189 - من خطبة له عليه السلام يعظ فيها الناس ويحث على العمل الصالح قبل فوات الأوان 176
42 190 - من خطبة له عليه السلام يذكر فيها بعض مواقفه من الرسول صلى الله عليه وسلم 179
43 ذكر خبر موت الرسول عليه السلام 183
44 191 - من خطبة له عليه السلام فيها تمجيد لله وتعظيم له، وحث للناس على التقوى ووصف للإسلام وحال الناس قبل البعثة 188
45 اختلاف الأقوال في عمر الدنيا 195
46 192 - ومن كلام له عليه السلام يوصى أصحابه 202
47 فصل في ذكر الآثار الواردة في الصلاة وفضلها 205
48 ذكر الآثار الواردة في فضل الزكاة والتصدق 208
49 193 - ومن كلام له عليه السلام في شأن معاوية 211
50 سياسة علي وجريها على سياسة الرسول عليه السلام 212
51 كلام أبي جعفر الحسني في الأسباب التي أوجبت محبة الناس لعلي 223
52 سياسة علي وإيراد كلام للجاحظ في ذلك 227
53 ذكر أقوال من طعن في سياسة علي والرد عليها 232
54 194 - من كلام له عليه السلام، في الوعظ، وفيه استطراد لقصة صالح عليه السلام وثمود 261
55 قصة صالح وثمود 262
56 195 - من كلام له عليه السلام عند دفن سيدة النساء فاطمة عليها السلام 265
57 رسالة أبي بكر لعلي في شأن الخلافة رواية أبي حامد المروروذي 271