ثم اختلفوا في موضع دفنه، فرأى قوم أن يدفنوه بمكة لأنها مسقط رأسه، وقال من قال: بل بالمدينة: ندفنه بالبقيع عند شهداء أحد. ثم اتفقوا على دفنه في البيت الذي قبض فيه، وصلوا عليه أرسالا لا يؤمهم أحد.
وقيل: أن عليا عليه السلام أشار بذلك فقبلوه.
وأنا أعجب من ذلك، لان الصلاة عليه كانت بعد بيعة أبى بكر، فما الذي منع من أن يتقدم أبو بكر فيصلى عليه إماما.
وتنازعوا في تلحيده وتضريحه، فأرسل العباس عمه إلى أبى عبيدة بن الجراح - وكان يحفر لأهل مكة ويضرح (1) على عادتهم - رجلا، وأرسل على رجلا إلى أبى طلحة الأنصاري - وكان يلحد لأهل المدينة على عادتهم - وقال اللهم اختر لنبيك، فجاء أبو طلحة فلحد له، وأدخل في اللحد.
وتنازعوا فيمن ينزل معه القبر، فمنع علي عليه السلام الناس أن ينزلوا معه، وقال:
لا ينزل قبره غيري وغير العباس، ثم أذن في نزول الفضل وأسامة بن زيد مولاهم، ثم ضجت الأنصار، وسألت أن ينزل منها رجل في قبره، فأنزلوا أوس بن خولي - وكان بدريا.
فأما الغسل فإن عليا عليه السلام تولاه بيده، وكان الفضل بن العباس يصب عليه الماء.
وروى المحدثون عن علي عليه السلام، أنه قال: ما قلبت منه عضوا إلا وانقلب، لا أجد له ثقلا، كأن معي من يساعدني عليه، وما ذلك إلا الملائكة.
وأما حديث الهينمة وسماع الصوت، فقد رواه خلق كثير من المحدثين، عن علي