أو يصرف عنه شرا إلا العمل، ألا لا يدعين مدع ولا يتمنين متمن. والذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمه، ولو عصيت لهويت. اللهم قد بلغت.
ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة، ثم دخل بيت أم سلمة، ثم انتقل إلى بيت عائشة يعلله النساء والرجال، أما النساء فأزواجه وبنته عليهما السلام، وأما الرجال فعلي عليه السلام والعباس والحسن والحسين عليهما السلام، وكانا غلامين يومئذ، وكان الفضل بن العباس يدخل أحيانا إليهم، ثم حدث الاختلاف بين المسلمين أيام مرضه، فأول ذلك التنازع الواقع يوم قال صلى الله عليه وآله: (ائتوني بدواة وقرطاس)، وتلا ذلك حديث التخلف عن جيش أسامة، وقول عياش بن أبي ربيعة: أيولى هذا الغلام على جلة المهاجرين والأنصار!.
ثم اشتد به المرض، وكان عند خفة مرضه يصلى بالناس بنفسه، فلما اشتد به المرض، أمر أبا بكر أن يصلى بالناس.
وقد اختلف في صلاته بهم، فالشيعة تزعم أنه لم يصل بهم إلا صلاة واحدة، وهي الصلاة التي خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فيها يتهادى بين علي عليه السلام والفضل، فقام في المحراب مقامه، وتأخر أبو بكر.
والصحيح عندي - وهو الأكثر الأشهر - أنها لم تكن آخر صلاة (1) في حياته صلى الله عليه وآله بالناس جماعة، وأن أبا بكر صلى بالناس بعد ذلك يومين، ثم مات صلى الله عليه وآله، فمن قائل يقول: إنه توفى لليلتين بقيتا من صفر، وهو القول الذي تقوله الشيعة، والأكثرون أنه توفى في شهر ربيع الأول بعد مضى أيام منه.
وقد اختلف الرواية في موته، فأنكر عمر ذلك، وقال: إنه لم يمت، وإنه غاب وسيعود، فثناه أبو بكر عن هذا القول، وتلا عليه الآيات المتضمنة أنه سيموت، فرجع إلى قوله.