بين الأرض والسماء مسيرة خمسمائة عام، فإذا نزل الملك إلى الأرض، ثم عاد إلى السماء، فقد قطع في ذلك اليوم مسيرة ألف عام، ألا ترى إلى قوله: (يدبر الامر من السماء إلى الأرض)، أي ينزل الملك بالوحي والامر والحكم من السماء إلى الأرض، ثم يعود راجعا إليه وعارجا صاعدا إلى السماء، فيجتمع من نزوله وصعوده مقدار مسير ألف سنة.
* * * وذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه المسمى تواريخ الأمم: أن اليهود تذهب إلى أن عدد السنين من ابتداء التناسل إلى سنة الهجرة لمحمد صلى الله عليه وآله أربعة آلاف واثنتان وأربعون سنة وثلاثة أشهر.
والنصارى تذهب إلى أن عدد ذلك خمسة آلاف وتسعمائة وتسعون سنة وثلاثة أشهر.
وأن الفرس تذهب إلى أن من عهد كيومرث والد البشر عندهم إلى هلاك يزد جرد بن شهريار الملك أربعة آلاف ومائة واثنتين وثمانين سنة وعشرة أشهر وتسعة عشر يوما، ويسندون ذلك إلى كتابهم الذي جاء به زردشت، وهو الكتاب المعروف بأبستا.
فأما اليهود والنصارى فيسندون ذلك إلى التوراة ويختلفون في كيفية استنباط المدة.
وتزعم النصارى واليهود أن مدة الدنيا كلها سبعة آلاف سنة، قد ذهب منها ما ذهب، وبقى ما بقي.
وقيل: إن اليهود إنما قصرت المدة، لأنهم يزعمون أن شيخهم الذي هو منتظرهم، يخرج في أول الألف السابع، فلولا تنقيصهم المدة وتقصيرهم أيامها لتعجل افتضاحهم، ولكن سيفتضحون فيما بعد عند من يأتي بعدنا من البشر.