أمرك وتزيغ عن الحق. وأحب لعامة رعيتك ما تحبه لنفسك، وأكره لهم ما تكره لنفسك، وأصلح أحوال رعيتك، وخض الغمرات إلى الحق، ولا تخف لومة لائم. وانصح لمن استشارك، واجعل نفسك أسوة لقريب المسلمين وبعيدهم. جعل الله خلتنا وودنا خلة المتقين وود المخلصين، وجمع بيننا وبينكم في دار الرضوان إخوانا على سرر متقابلين. إن شاء الله.
* * * قال إبراهيم بن سعد الثقفي: فحدثني عبد الله بن محمد بن عثمان عن علي بن محمد بن أبي سيف، عن أصحابه، أن عليا لما كتب إلى محمد بن أبي بكر هذا الكتاب، كان ينظر فيه ويتأدب بأدبه، فلما ظهر عليه عمرو بن العاص وقتله، أخذ كتبه أجمع، فبعث بها إلى معاوية، فكان معاوية ينظر في هذا الكتاب ويتعجب منه، فقال الوليد بن عقبة، وهو عند معاوية، وقد رأى إعجابه به: مر بهذه الأحاديث أن تحرق، فقال معاوية، مه، لا رأى لك! فقال الوليد: أفمن الرأي أن يعلم الناس أن أحاديث أبى تراب عندك تتعلم منها! قال معاوية: ويحك! أتأمرني أن أحرق علما مثل هذا! والله ما سمعت بعلم هو أجمع منه ولا أحكم فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه وقضائه فعلام تقاتله! فقال: لولا أن أبا تراب قتل عثمان ثم أفتانا لأخذنا عنه. ثم سكت هنيهة، ثم نظر إلى جلسائه فقال:
إنا لا نقول: إن هذه من كتب علي بن أبي طالب عليه السلام، ولكن نقول: هذه من كتب أبى بكر الصديق، كانت عند ابنه محمد فنحن ننظر فيها، ونأخذ منها.
قال: فلم تزل تلك الكتب في خزائن بنى محمد فنحن ننظر فيها، ونأخذ منها.
قال: فلم تزل تلك الكتب في خزائن بنى أمية حتى ولى عمر بن عبد العزيز، فهو الذي أظهر أنها من أحاديث علي بن أبي طالب عليه السلام.
* * * قلت: الأليق أن يكون الكتاب الذي كان معاوية ينظر فيه ويعجب منه،