فإذا أصلحنا كلامه على ما ينبغي، قلنا له في الاعتراض عليه: لم قلت إنه إذا خرج اللفظ عن أن يكون له شركة في الدلالة على الحقيقة، لم يكن ما تكلم به الانسان دالا على ما تكلم به؟ ولم لا يجوز أن يكون للحقيقة مجازان قد كثر استعمالهما حتى نسيت تلك الحقيقة، فإذا تكلم الانسان بذلك اللفظ كان دالا به على أحد ذينك المجازين، ولا يكون له تعرض ما بتلك الحقيقة، فلا يكون الذي تكلم به غير دال على ما تكلم به، لان حقيقة تلك اللفظة قد صارت ملغاة منسية، فلا يكون عدم إرادتها موجبا أن يكون اللفظ الذي يتكلم به المتكلم غير دال على ما تكلم به، لأنها قد خرجت بترك الاستعمال، عن أن تكون هي ما تكلم به المتكلم.
ثم يقال؟: إنك منعت أن يكون قولنا: (زيد أسد). كناية وقلت: لأنه لا يجوز أن يحمل أحد هذا اللفظ على أن (زيدا) هو السبع ذو الأنياب والمخالب، ومنعت من قول الفراء إن الجبال في قوله: (لتزول منه الجبال) كناية عن دعوة محمد صلى الله عليه وآله وشريعته، لان أحدا لا يعتقد ولا يتصور أن مكر البشر يزيل الجبال الحقيقية عن أماكنها، ومنعت من قول من قال إن قول الشاعر:
* ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب (1) * من باب الكناية، لان أحدا لا يتصور أن الحقائب - وهي جمادات - تثنى وتشكر.
وقلت: لا بد أن يصح حمل لفظ الكناية على محملي الحقيقة والمجاز. ثم قلت: إن