شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦٨
فإذا أصلحنا كلامه على ما ينبغي، قلنا له في الاعتراض عليه: لم قلت إنه إذا خرج اللفظ عن أن يكون له شركة في الدلالة على الحقيقة، لم يكن ما تكلم به الانسان دالا على ما تكلم به؟ ولم لا يجوز أن يكون للحقيقة مجازان قد كثر استعمالهما حتى نسيت تلك الحقيقة، فإذا تكلم الانسان بذلك اللفظ كان دالا به على أحد ذينك المجازين، ولا يكون له تعرض ما بتلك الحقيقة، فلا يكون الذي تكلم به غير دال على ما تكلم به، لان حقيقة تلك اللفظة قد صارت ملغاة منسية، فلا يكون عدم إرادتها موجبا أن يكون اللفظ الذي يتكلم به المتكلم غير دال على ما تكلم به، لأنها قد خرجت بترك الاستعمال، عن أن تكون هي ما تكلم به المتكلم.
ثم يقال؟: إنك منعت أن يكون قولنا: (زيد أسد). كناية وقلت: لأنه لا يجوز أن يحمل أحد هذا اللفظ على أن (زيدا) هو السبع ذو الأنياب والمخالب، ومنعت من قول الفراء إن الجبال في قوله: (لتزول منه الجبال) كناية عن دعوة محمد صلى الله عليه وآله وشريعته، لان أحدا لا يعتقد ولا يتصور أن مكر البشر يزيل الجبال الحقيقية عن أماكنها، ومنعت من قول من قال إن قول الشاعر:
* ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب (1) * من باب الكناية، لان أحدا لا يتصور أن الحقائب - وهي جمادات - تثنى وتشكر.
وقلت: لا بد أن يصح حمل لفظ الكناية على محملي الحقيقة والمجاز. ثم قلت: إن

(1) لنصيب، من أبيات يمدح فيها سليمان بن عبد الملك وصدره:
* فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * البيان والتبيين 1: 83.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175