التعريض، إلا فيما اعتمد عليه، من أن من شرط الكناية أن يتجاذبها جانبا حقيقة ومجاز، وقد بينا بطلان اشتراط ذلك، فبطل ما يتفرع عليه.
وأما قول بديل بن ورقاء: (معها العوذ المطافيل) فإنه ليس بكناية عن النساء والأولاد كما زعم، بل أراد به الإبل ونتجها، فإن كتب السير كلها متفقة على أن قريشا لم يخرج معها في سنه الحديبية نساؤها وأولادها، ولم يحارب رسول الله صلى الله عليه وآله قوما أحضروا معهم نساءهم وأولادهم، إلا هوازن يوم حنين، وإذا لم يكن لهذا الوجه حقيقة ولا وجود، فقد بطل حمل اللفظ عليه.
فأما ما زرى به على الرضى رحمه الله تعالى من قوله:
* إن لم تكن نصلا فغمد نصول * وقوله: هذا مما يسبق الوهم فيه إلى ما يستقبح، واستحسانه شعر الفرزدق، وقوله: إن الرضى أخذه منه فأسا الاخذ، فالوهم الذي يسبق إلى بيت الرضى يسبق مثله إلى بيت الفرزدق، لأنه قد جعل هذه المرأة جفن السلاح، فإن كان الوهم يسبق هناك إلى قبيح فهاهنا أيضا يسبق إلى مثله.
وأما الآية التي مثل بها على التعريض، فإنه قال: إن قوله تعالى: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه، ولم يبين ذلك، وإنما قال: فحوى الكلام أنهم قالوا له: هب أنك واحد من الملاء وموازيهم في المنزلة، فما جعلك أحق بالنبوة منهم!
ألا ترى إلى قوله: (وما نرى لكم علينا من فضل)! وهذا الكلام لا يقتضى ما ادعاه أولا من التعريض، لأنه ادعى أن قوله: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة منه، وما قرره به يقتضى مساواته لهم، ولا يقتضى كونهم أحق بالنبوة منه، فبطل دعوى الأحقية، التي زعم أن التعريض إنما كان (1) بها.