وفى جوفه من دارم ذو حفيظة * لو أن المنايا أخطأته لياليا فأخذه الرضى فأفسده ولم يحسن تصريفه.
قال: فأما أمثلة التعريض فكثيرة، منها قوله تعالى: (قال الملا الذين قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك أتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) ف (1)، فقوله: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة، وأن الله تعالى لو أراد أن يجعلها في واحد من البشر لجعلها فيهم، فقالوا: هب أنك واحد من الملا وموازيهم في المنزلة، فما جعلك أحق بالنبوة منهم!
ألا ترى إلى قوله: (وما نرى لكم علينا من فضل).
هذه خلاصة ما ذكره ابن الأثير في هذا الباب.
واعلم أنا قد تكلمنا عليه في كثير من هذا الموضع في كتابنا الذي أفردناه للنقض عليه، وهو الكتاب المسمى ب (الفلك الدائر على المثل السائر) فقلنا (2) أولا: إنه اختار حد الكناية وشرع يبرهن (3) على التحديد، والحدود لا يبرهن عليها، ولا هي من باب الدعاوى التي تحتاج إلى الأدلة، لان من وضع لفظ الكناية لمفهوم مخصوص، لا يحتاج إلى دليل، كمن وضع لفظ الجدار للحائط لا يحتاج إلى دليل.
ثم يقال له: لم قلت: إنه لا بد من أن يتردد لفظ الكناية بين محملي حقيقة ومجاز، ولم لا يتردد بين مجازين؟ وما استدللت به على ذلك لا معنى له...
أما أولا، فلأنك أردت أن تقول: إما أن تكون للفظة الدالة على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة، أو لا يكون لها في الدلالة على الحقيقة شركة، لان كلامك هكذا يقتضى، ولا ينتظم إلا إذا قلت هكذا فلم تقله. وقلت: إما أن يكون للحقيقة شركة في