شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦٦
وفى جوفه من دارم ذو حفيظة * لو أن المنايا أخطأته لياليا فأخذه الرضى فأفسده ولم يحسن تصريفه.
قال: فأما أمثلة التعريض فكثيرة، منها قوله تعالى: (قال الملا الذين قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا وما نراك أتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين) ف (1)، فقوله: (ما نراك إلا بشرا مثلنا) تعريض بأنهم أحق بالنبوة، وأن الله تعالى لو أراد أن يجعلها في واحد من البشر لجعلها فيهم، فقالوا: هب أنك واحد من الملا وموازيهم في المنزلة، فما جعلك أحق بالنبوة منهم!
ألا ترى إلى قوله: (وما نرى لكم علينا من فضل).
هذه خلاصة ما ذكره ابن الأثير في هذا الباب.
واعلم أنا قد تكلمنا عليه في كثير من هذا الموضع في كتابنا الذي أفردناه للنقض عليه، وهو الكتاب المسمى ب (الفلك الدائر على المثل السائر) فقلنا (2) أولا: إنه اختار حد الكناية وشرع يبرهن (3) على التحديد، والحدود لا يبرهن عليها، ولا هي من باب الدعاوى التي تحتاج إلى الأدلة، لان من وضع لفظ الكناية لمفهوم مخصوص، لا يحتاج إلى دليل، كمن وضع لفظ الجدار للحائط لا يحتاج إلى دليل.
ثم يقال له: لم قلت: إنه لا بد من أن يتردد لفظ الكناية بين محملي حقيقة ومجاز، ولم لا يتردد بين مجازين؟ وما استدللت به على ذلك لا معنى له...
أما أولا، فلأنك أردت أن تقول: إما أن تكون للفظة الدالة على المجازين شركة في الدلالة على الحقيقة، أو لا يكون لها في الدلالة على الحقيقة شركة، لان كلامك هكذا يقتضى، ولا ينتظم إلا إذا قلت هكذا فلم تقله. وقلت: إما أن يكون للحقيقة شركة في

(١) سورة هود ٢٧.
(2) الفلك الدائر 170 وما بعدها مع اختلاف في العبارة.
(3) ا، ج: (عن).
(٦٦)
مفاتيح البحث: إبن الأثير (1)، سورة هود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175