شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦٣
أقول من التعجب: ليت شعري * أأيقاظ أمية أم نيام (1)!
فالبيت الأول لو ورد بمفرده لكان كناية، لأنه لا يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز (2)، فإذا نظرنا إلى الأبيات بجملتها، كان البيت الأول المذكور استعارة لا كناية.
ثم أخذ في الفرق بين الكناية والتعريض، فقال: التعريض هو اللفظ الدال على الشئ من طريق المفهوم، لا بالوضع الحقيقي ولا بالمجازي، فإنك إذا قلت لمن تتوقع معروفه وصلته بغير طلب: أنا محتاج ولا شئ في يدي، وأنا عريان والبرد قد آذاني، فإن هذا وأشباهه تعريض بالطلب وليس اللفظ موضوعا للطلب، لا حقيقة ولا مجازا، وإنما يدل عليه من طريق المفهوم بخلاف قوله: (أو لامستم النساء) (3)، وعلى هذا ورد تفسير التعريض في خطبة النكاح، كقولك للمرأة: أنت جميلة، أو إنك خلية وأنا عزب. فإن هذا وشبهه لا يدل على طلب النكاح بالحقيقة ولا بالمجاز، والتعريض أخفى من الكناية، لان دلالة الكناية وضعية من جهة المجاز، ودلالة التعريض من جهة المفهوم المركب، وليست وضعية، وإنما يسمى التعريض تعريضا، لان المعنى فيه يفهم من عرض اللفظ المفهوم، أي من جانبه.

(1) الاخبار الطوال: (أقول)، وبعده في المثل السائر:
فإن هبوا فذاك بقاء ملك * وإن رقدوا لا ألام وبعده في الاخبار الطوال:
فإن يك أصبحوا وثووا نياما * فقل قوموا فقد حان القيام (2) في المثل السائر بعد هذه الكلمة: (أما الحقيقة فإنه أخبر أنه رأى وميض جمر في خلل الرماد، وأنه سيضطرم، وأما المجاز فإنه أراد أن هناك ابتداء شر كامن، ومثله بوميض جمر من خلل الرماد).
(3) في المثل السائر: (بخلاف دلالة اللمس على الجماع).
(٦٣)
مفاتيح البحث: الإخفاء (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175