أقول من التعجب: ليت شعري * أأيقاظ أمية أم نيام (1)!
فالبيت الأول لو ورد بمفرده لكان كناية، لأنه لا يجوز حمله على جانبي الحقيقة والمجاز (2)، فإذا نظرنا إلى الأبيات بجملتها، كان البيت الأول المذكور استعارة لا كناية.
ثم أخذ في الفرق بين الكناية والتعريض، فقال: التعريض هو اللفظ الدال على الشئ من طريق المفهوم، لا بالوضع الحقيقي ولا بالمجازي، فإنك إذا قلت لمن تتوقع معروفه وصلته بغير طلب: أنا محتاج ولا شئ في يدي، وأنا عريان والبرد قد آذاني، فإن هذا وأشباهه تعريض بالطلب وليس اللفظ موضوعا للطلب، لا حقيقة ولا مجازا، وإنما يدل عليه من طريق المفهوم بخلاف قوله: (أو لامستم النساء) (3)، وعلى هذا ورد تفسير التعريض في خطبة النكاح، كقولك للمرأة: أنت جميلة، أو إنك خلية وأنا عزب. فإن هذا وشبهه لا يدل على طلب النكاح بالحقيقة ولا بالمجاز، والتعريض أخفى من الكناية، لان دلالة الكناية وضعية من جهة المجاز، ودلالة التعريض من جهة المفهوم المركب، وليست وضعية، وإنما يسمى التعريض تعريضا، لان المعنى فيه يفهم من عرض اللفظ المفهوم، أي من جانبه.