والوصف الجامع أمرا آخر باعتباره وقت الدلالة، ألا ترى أن لفظ (لامستم) يدل على الجماع الذي لم يوضع لفظ (لامستم) له، وإنما يدل عليه باعتبار أمر آخر، هو كون الملامسة مقدمة الجماع ومفضية إليه، فقد تغاير إذن حد التشبيه (1) وحد الكناية، ولم يكن أحدهما هو الآخر.
فأما قوله: إن الكناية قد تكون بالمفردات، والتعريض لا يكون بالمفردات، فدعوى، وذلك أن اللفظ المفرد لا ينتظم منه فائدة، وإنما تفيد الجملة المركبة من مبتدأ وخبر، أو من فعل وفاعل، والكناية والتعريض في هذا الباب سواء، وأقل ما يمكن أن يقيد في الكناية قولك: لامست هندا، وكذلك أقل ما يمكن أن يفيد في التعريض:
(أنا عزب)، كما قد ذكره هو في أمثلة التعريض. فإن قال: أردت أنه قد يقال: اللمس يصلح أن يكنى به عن الجماع، واللمس لفظ مفرد. قيل له: وقد يقال التعزب يصلح أن يعرض به في طلب النكاح.
فأما قوله: إن بيت نصر بن سيار، إذا نظر إليه لمفرده صلح أن يكون كناية، وإنما يخرجه عن كونه كناية ضم الأبيات التي بعده إليه، ويدخله في باب الاستعارة، فلزم عليه أن يخرج قول عمر: (حولت رحلي) عن باب الكناية بما انضم إليه من قوله:
(هلكت)، وبما أجابه رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله: (أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة)، وبقرينة الحال. وكان يجب ألا تذكر هذه اللفظة في أمثلة الكنايات.
فأما بيت امرئ القيس فلا وجه لإسقاطه من باب الكناية وإدخاله في باب