قول عبد الله بن سلام لصاحب الثوب المعصفر: (لو أنك جعلت ثوبك في تنور أهلك) كناية، وقول الرضى في امرأة ماتت:
* أن لم تكن نصلا فغمد نصول * كناية، وإن كانت مستقبحة، وقول النبي صلى الله عليه وآله: (يا أنجشة رفقا بالقوارير)، وهو يحدو بالنساء كناية، فهل يجيز عاقل قط أو يتصور في الأذهان أن تكون المرأة غمدا للسيف! وهل (يحمل (1) أحد) قط قوله للحادي (رفقا بالقوارير) على أنه يمكن أن يكون نهاه عن العنف بالزجاج، أو يحمل أحد قط قول ابن سلام على أنه أراد إحراق الثوب بالنار، أو يحمل قط أحد قوله: (الميل في المكحلة) على حقيقتها، أو يحمل قط أحد قوله: (لا يحل لك فض الخاتم) على حقيقته! وهل يشك عاقل قط في أن هذه الألفاظ ليست دائرة بين المحملين دوران اللمس والجماع والمصافحة، وهذه مناقضة ظاهرة، ولا جواب عنها إلا بإخراج هذه المواضع من باب الكناية، أو بحذف ذلك الشرط الذي اشترطته في حد الكناية.
فأما ما ذكره حكاية عن غيره في حد الكناية بأنها اللفظ الدال على الشئ بغير الوضع الحقيقي، بوصف جامع بين الكناية والمكنى عنه. وقوله: هذا الحد هو حد التشبيه، فلا يجوز أن يكون حد الكناية.
فلقائل أن يقول: إذا قلنا: زيد أسد، كان ذلك لفظا دالا على غير الوضع الحقيقي، وذلك المدلول هو بعينه الوصف المشترك بين المشبه والمشبه به، ألا ترى أن المدلول هو الشجاعة وهي المشترك بين زيد والأسد، وأصحاب الحد قالوا في حدهم: الكناية هي اللفظ الدال على الشئ بغير الوضع الحقيقي، باعتبار وصف جامع بينهما، فجعلوا المدلول أمرا