يجوز حمله على الحقيقة والمجاز، وكل منهما يصح به المعنى ولا يختل! (1 ولهذا قال الشافعي:
إن ملامسة المرأة تنقض الوضوء والطهارة 1).
وذهب غيره إلى أن المراد باللمس في الآية الجماع، وهو الكناية المجازية، فكل موضع يرد فيه الكناية، فسبيله هذا السبيل، وليس التشبيه بهذه الصورة ولا غيره من أقسام المجاز، لأنه لا يجوز حمله إلا على جانب المجاز خاصة، ولو حمل على جانب الحقيقة لاستحال المعنى، ألا ترى أنا إذا قلنا: زيد أسد لم يصح أن يحمل إلا على الجهة المجازية، وهي التشبيه بالأسد في شجاعته، ولا يجوز حمله على الجهة الحقيقية لان (زيدا) لا يكون سبعا ذا أنياب ومخالب، فقد صار إذن حد الكناية أنها اللفظ الدال على معنى يجوز حمله على جانبي، الحقيقة والمجاز، بوصف جامع بين الحقيقة والمجاز.
قال: والدليل على ذلك أن الكناية في أصل الوضع أن تتكلم بشئ وتريد غيره، يقال: كنيت بكذا عن كذا، فهي تدل على ما تكلمت به، وعلى ما أردته من غيره فلا يخلو (2) إما أن يكون في لفظ تجاذبه (3 جانبا حقيقة وحقيقة، أو في لفظ تجاذبه جانبا مجاز ومجاز، أو في لفظ لا يتجاذبه أمر. وليس لنا قسم رابع 3).
والثاني باطل، لان ذاك هو اللفظ المشترك، فإن أطلق من غير قرينة مخصصة كان مبهما غير مفهوم، وإن كان معه قرينة صار مخصصا لشئ بعينه، والكناية أن تتكلم بشئ وتريد غيره، وذلك مخالف للفظ المشترك إذا أضيف إليه القرينة، لأنه يختص بشئ واحد بعينه، ولا يتعداه إلى غيره، والثالث باطل أيضا، لان المجاز لا بد له من حقيقة ينقل عنها لأنه فرع عليها.