ونزع ثيابه، فقال الفضل: (برسول الله وابن عمه)، فلبس الفرزدق ثيابه، وقال: أعض الله من يساجلك بما نفت المواسي من بظر أمه. ورواها أبو بكر بن دريد: (بما أبقت المواسي).
وقد نزل القرآن العزيز على مخرج كلام العرب في المساجلة فقال تبارك وتعالى: ﴿فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم﴾ (1)، الذنوب: الدلو، والمراد ما ذكرناه.
وقال المبرد: المراد بقوله: (وأنا الأخضر)، أي الأسمر والأسود. والعرب كانت تفتخر بالسمرة والسواد، وكانت تكره الحمرة والشقرة، وتقول: إنهما من ألوان العجم.
وقال ابن دريد: مراده أن بيتي ربيع أبدا مخصب، كثير الخير، لان الخصب مع الخضرة، وقال الشاعر:
قوم إذا اخضرت نعالهم * يتناهقون تناهق الحمر (2) أي إذا أعشبت الأرض اخضرت نعالهم من وطئهم إياها، فأغار بعضهم على بعض، والتناهق هاهنا: أصواتهم حين ينادون للغارة، ويدعو بعضهم بعضا، ونظير هذا البيت قول الآخر:
قوم إذا نبت الربيع لهم * نبتت عداوتهم مع البقل (3) أي إذا أخصبوا وشبعوا غزا بعضهم بعضا، ومثله قول الآخر:
يا بن هشام أهلك الناس اللبن * فكلهم يغدو بسيف وقرن (4).
أي تسفهوا لما رأوا من كثرة اللبن والخصب، فأفسدوا في الأرض، وأغار بعضهم على بعض. والقرن: الجعبة.