شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٦٠
من باب الكناية (1)، والصحيح أنه من باب التعريض.
قال: وقد قال الغانمي والعسكري وابن حمدون وغيرهم نحو ذلك، ومزجوا أحد القسمين بالآخر.
قال: وقد حد قوم الكناية فقالوا: هي اللفظ الدال على الشئ بغير الوضع الحقيقي، بوصف جامع بين الكناية والمكنى عنه، كاللمس والجماع، فإن الجماع اسم لموضوع حقيقي، واللمس كناية عنه، وبينهما وصف جامع، إذ الجماع لمس وزيادة، فكان دالا عليه بالوضع المجازي.
قال: وهذا الحد فاسد، لأنه يجوز أن يكون حدا للتشبيه والمشبه، فإن التشبيه هو اللفظ الدال على الوضع الحقيقي الجامع بين المشبه والمشبه به في صفة من الأوصاف، ألا ترى إذا قلنا:
زيد أسد، كان ذلك لفظا دالا على غير الوضع الحقيقي، بوصف جامع بين زيد والأسد، وذلك الوصف هو الشجاعة (2).
قال: وأما (3) أصحاب أصول الفقه، فقالوا في حد الكناية: إنها اللفظ المحتمل، ومعناه أنها اللفظ الذي يحتمل الدلالة على المعنى، وعلى خلافه.
وهذا منقوض بالألفاظ المفردة المشتركة، وبكثير من الأقوال المركبة المحتملة للشئ وخلافه، وليست بكنايات.
قال: وعندي أن الكنايات لا بد أن يتجاذبها جانبا حقيقة ومجاز، ومتى أفردت جاز حملها على الجانبين معا، ألا ترى أن اللمس في قوله سبحانه: (أو لامستم النساء) (4)

(1) في المثل السائر: (وهذا مثل ضربه للكناية عن المباضعة).
(2) في المثل السائر بعدها: (ومن هنا وقع الغلط لمن أشرت إليه في الذي ذكرته في هذه الكناية).
(3) المثل السائر: (علماء).
(4) سورة النساء آية: 43.
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175