من باب الكناية (1)، والصحيح أنه من باب التعريض.
قال: وقد قال الغانمي والعسكري وابن حمدون وغيرهم نحو ذلك، ومزجوا أحد القسمين بالآخر.
قال: وقد حد قوم الكناية فقالوا: هي اللفظ الدال على الشئ بغير الوضع الحقيقي، بوصف جامع بين الكناية والمكنى عنه، كاللمس والجماع، فإن الجماع اسم لموضوع حقيقي، واللمس كناية عنه، وبينهما وصف جامع، إذ الجماع لمس وزيادة، فكان دالا عليه بالوضع المجازي.
قال: وهذا الحد فاسد، لأنه يجوز أن يكون حدا للتشبيه والمشبه، فإن التشبيه هو اللفظ الدال على الوضع الحقيقي الجامع بين المشبه والمشبه به في صفة من الأوصاف، ألا ترى إذا قلنا:
زيد أسد، كان ذلك لفظا دالا على غير الوضع الحقيقي، بوصف جامع بين زيد والأسد، وذلك الوصف هو الشجاعة (2).
قال: وأما (3) أصحاب أصول الفقه، فقالوا في حد الكناية: إنها اللفظ المحتمل، ومعناه أنها اللفظ الذي يحتمل الدلالة على المعنى، وعلى خلافه.
وهذا منقوض بالألفاظ المفردة المشتركة، وبكثير من الأقوال المركبة المحتملة للشئ وخلافه، وليست بكنايات.
قال: وعندي أن الكنايات لا بد أن يتجاذبها جانبا حقيقة ومجاز، ومتى أفردت جاز حملها على الجانبين معا، ألا ترى أن اللمس في قوله سبحانه: (أو لامستم النساء) (4)