شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ٥ - الصفحة ٤١
أخذه الرضى رحمه الله تعالى، فقال يرثي امرأة:
إن لم تكن نصلا فغمد نصول * غالته أحداث الزمان بغول (1) أو لم تكن بأبي شبول ضيغم * تدمى أظافره فأم شبول ومن الكنايات ما يروى أن رجلا من خواص كسرى، أحب الملك امرأته، فكان يختلف إليها سرا وتختلف إليه، فعلم بذلك فهجرها وترك فراشها، فأخبرت كسرى، فقال له يوما: بلغني أن لك عينا عذبة، وأنك لا تشرب منها! فقال: بلغني أيها الملك أن الأسد يردها فخفته، فتركتها له، فاستحسن ذلك منه ووصله.
ومن الكنايات الحسنة قول حاتم:
وما تشتكيني جارتي غير أنني * إذا غاب عنها بعلها لا أزورها (2) سيبلغها خيري ويرجع بعلها * إليها ولم يسبل على ستورها (3) فكنى بإسبال الستر عن الفعل، لأنه يقع عنده غالبا.
فأما قول عمر: (من أرخى سترا أو أغلق بابا فقد وجب عليه المهر). فيمكن أن يكنى بذلك عن الجماع نفسه، ويمكن أن يكنى به عن الخلوة فقط، وهو مذهب أبي حنيفة، وهو الظاهر من اللفظ لامرين: أحدهما قوله: (أغلق بابا) فإنه لو أراد الكناية لم يحسن الترديد ب (أو)، وثانيهما أنه قد كان مقررا عندهم أن الجماع نفسه يوجب كمال المهر، فلم يكن به حاجة إلى ذكر ذلك.
ويشبه قول حاتم في الكناية المقدم ذكرها قول بشار بن بشر (4)

(1) ديوانه لوحة 149، مطلع قصيدة يعزى فيها أبا سعد بن خلف عن أخته.
(2) ديوانه 110 (3) الديوان: (ولم يقصر على).
(4) هو بشار بن بشر المجاشعي، حماسة ابن الشجري 135، والأبيات أيضا في أمالي المرتضى 1: 379 ونسبها إلى هلال بن خثعم، مع اختلاف في الرواية، وترتيب الأبيات.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 58 - من كلام عليه السلام لما عزم على حرب الخوارج وقيل له إن القوم قد عبروا جسر النهروان 3
2 بدء ظهور الغلاة 5
3 طرق الإخبار بالمغيبات 9
4 59 - من كلامه لما قتل الخوارج فقيل له يا أمير المؤمنين هلك القوم بأجمعهم 14
5 الكناية والرموز والتعريض وذكر مثل منها 15
6 الفرق بين الكناية والتعريض 59
7 مقتل الوليد بن طريف الخارجي ورثاء أخته له 73
8 خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي 74
9 ذكر جماعة ممن كان يرى رأي الخوارج 76
10 60 - من كلام له عليه السلام في الخوارج 78
11 عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم 80
12 مرداس بن حدير 82
13 عمران بن حطان 91
14 المستورد السعدي 97
15 حوثرة الأسدي 98
16 أبو الوازع الراسبي 102
17 عمران بن الحارث الراسبي 103
18 عبد الله بن يحيى والمختار بن عوف 106
19 خطب أبي حمزة الشاري 114
20 أخبار متفرقة عن أحوال معاوية 129
21 61 - من كلام له لما خوف الغيلة 132
22 اختلاف الناس في الآجال 133
23 62 - من كلام له في وصف الدنيا 140
24 63 - من كلام له في الحض على الزهد والاستعداد لما بعد الموت 145
25 عظة للحسن البصري 147
26 من خطب عمر بن عبد العزيز 150
27 من خطب ابن نباتة 151
28 64 من خطبة له في تنزيه الله سبحانه وتقديسه 153
29 اختلاف الأقوال في خلق العالم 157
30 65 - من كلام له كان يقوله لأصحابه في بعض أيام صفين 168
31 من أخبار يوم صفين 175